للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على السعوديين الذين كانوا يفدون الحين بعد الحين إلى العراق، ثم على جند الدولة العثمانية وموظفيها، ثم على قرى الكرد والتركمان وغيرها.

إلا أنهم لم يبرزوا إلى الساحة كقوة سياسية إلا في سنة ١٢٣٧ هـ، حينما استعانت الدولة بهم، وبغيرهم من العشائر على حرب العجم، في أيام الشيخ صفوق بن فارس الملقب بالمحزَّم؛ لأنه ما رفع من وسطه حزام الحرب أبدا، وقد أبلوا وقتئذ أحسن بلاء وردوا العجم، وكان صفوق هذا بطلا مغوارا، قيل أنه حارب الموالي في براري حلب وحماة، كما حارب عنزة مرارا، وقد لقبوه وقتئذ بسلطان البر، وهو لما رأى تغير الولاة في بغداد، ولم يحصل على الجعل الذي كان موعودا به، لقاء بلائه في حرب العجم، انقلب على الدولة وناوشها القتال، وهي إذ رأت عجزها عن دفعه، استعانت بعنزة (الروالة)، فزحفت هذه، تريد الفتك بشمَّر عدوتها القديمة، وجرت معركتان كبيرتان، كان النصر في الأولى لشمَّر، وفي الثانية لعنزة (١٢٣٨ و ١٢٣٩ هـ)، واندفعت عنزة على أثر هذا النصر تفحش وتنهب، وتحاصر بغداد،، ولما هال والي بغداد تفاقم الخطب، استجاش عشائر العراق الريفية، فتوقفت هذه في رد عنزة، ومن ذلك الحين حتى سنة ١٢٨٧ هـ اشترك صفوق في كل الفتن التي أزعجت العراق، إلى أن قتله الترك في سنة ١٢٥٦ هـ.

وأعقب صفوق عدة أولاد: منهم عبد الكريم، صلب في سنة ١٢٨٥ هـ، بعد أن نهب الموصل، وعبد الرزاق قتل في إحدى المعارك ضد جند الدولة، وبقى فرحان وفارس، وهذان كانا عاقلين، عاشا مع الدولة بسلام، ونالا رتبة الباشوية، وتقاسما النفوذ على شمَّر، فارس في الشمال يقود شمَّر التابعين لمتصرفي دير الزور، وفرحان في الجنوب يقود شمَّر التابعين لولاة بغداد، لكن الرئاسة العليا كانت لفرحان، ففي زمنه ظلت شمَّر مجتمعة الكلمة موفورة الكرامة، غير أنه أعقب أولادًا عديدين من نساء مختلفات، ينتسبن إلى عشائر مختلفة، فكثر بنوه وأحفاده، وتقاسموا بعد موته نفوذ العشيرة ومناطق الخوة فيما بينهم، فاشتد النزاع وذهبت الريح، وأصبحت الرئاسة بيد أبنائه مجول والعاصي تارة، والحميدي تارة أخرى، وأكثر شيوخ فرق شمَّر هم أولاد فرحان باشا وأحفاده، الذين يتكنون بإحدى نسائه، كآل جزعة الشمَّرية، وآل درة الطائية، وآل سرحة الزوبعية، وآل أرطية المحمدية، وآل جرجرية الكردية،

<<  <  ج: ص:  >  >>