للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبعًا لذلك كما يرى جمهرة المؤرخين العرب، وكانت بنو عامر بن صعصعة (هَوَازِن) قد أعطت أرض الطائف لبني ثقيف على أنَّ يُعَمِّروها وزرعوها كرومًا وبساتين مقابل أن يقاسموهم خيراتها، ولكن بعد أن تحصَّنت ثقيف بالطائف بذلك السور منعت بدورها الثمار والكيل لبني عامر واستبدت بخيرات الطائف.

وكما عرف أهل خيبر - التي كان العرب يسمونها ريف الحجاز - التحويط على النخيل، وبالمثل عرفه أهل المدينة المنورة من الأوس والخزرج وغيرهم ممن سكن المدينة، وكانوا يسمون بستان النخيل حائط فلان وجمعها حوائط، أي أنهم كانوا يحددون ملكيتهم للنخيل بتلك الأحواش لأحدهم أو بعضهم، (انظر سيرة ابن هشام اليماني عن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وقد عُرفت هذه السمة ليس في داخل الجزيرة ولكن في خارجها وظلت متناقلة بين النّاس حتى الآن.

وأرد على تعليل الجزيري الركيك في تسمية الحويطات بهذا الاسم تبعًا لهذه السمة أنه كان أولى بالعرب أن يُسمُّون ثقيف "الحويطات"؛ لأنهم حوطوا على بلدة أو قرية كبيرة وليس بعض النخيل، أو كانوا مثلًا يسمون الأوس والخزرج الحويطات لأنهم أكثر مراسًا للتحويط على النخيل، وأوضح أن هذه التسمية لا يمكن أن تتولد كلقب إلَّا في حالة الانفرادية أو الأسبقية لفعل معين، وفي العقبة وجد النخيل بالطبع قبل وجود الحويطات ووجدت بعض البساتين، وقد فعل أصحابها على تلك النخيل أحواشًا أو شيئًا من هذا القبيل بالطبع قبل وجود كيان الحويطات بعد منتصف القرن التاسع الهجري، وهذا التحويط أصلًا سمة معروفة وشهيرة لجميع القبائل والشعوب منذ القدم ومن غير المعقول أن يظل النّاس في عماء وغفلة ينتظرون حتى منتصف القرن العاشر الهجري، ثم يطلقون هذا اللقب على كيان عشائري لممارسته هذا الشيء المعروف.

كما أن الجزيري في تعليله الركيك لَمْ يكن عميق النظرة، حتى يعتمد على كتاب المسالك والممالك للبكري أو كتاب تقويم البلدان، كما ذكر الأستاذ الجاسر في مجلة العرب (ج ٣، ٤ رمضان شوال ١٤٠٦ هـ يونيه ١٩٨٦ م)، كما أن كلا المصنفين ليسا في علم الأنساب وإنما يخصان فقط سردا جغرافيا عن البلاد والأماكن والمواضع، وبذلك لا يصح ولا يجوز الاعتماد على تلك المصنفات في

<<  <  ج: ص:  >  >>