وأقول مؤكدًا بتحليل تاريخي ومنطقي أن الحويطات كيان تسمَّى باسم مؤسسهم (حويط)، ولم يكن لقبًا أطلق عليهم تبعًا لتحويط على نخيل أو غيره ولا تبعًا لحيز جغرافي، وهذا ما تأكدنا منه تاريخيًا وميدانيًا.
ولا يفوتني تأكيد ذلك. والتدليل على تخبُّط الجزيري وتناقضه في ذات المخطوط "الدرر الفرائد المنظمة"، بذكر مثل آخر لإيضاح الصورة برَّاقة جليَّة لسحب الثقة منه في مجال الأنساب، فقد قال في مخطوطه ص ١١٣ عبارة نصها التالي:
(وعادة أمير الركب الحجازي أن يكون لخيامه من الأبهة والحرمة؛ لأنه سائر بالوفد ومار على عربان مختلفة الأجناس كالعُقبي والبلويِّ والعطِّويِّ والحويطي وغيرهم المفسد والمتعرض للأذى). انتهي كلام الجزيري .... وبالنظر لهذه العبارة نجد تناقضًا فادحًا لقوله عربانًا مختلفة الأجناس!، وقد رأيناه في نفس المخطوط يذكر أن عُقْبَة أبٌ لبني عطية!، وأن الحويطات من بني عطية غلبهم اللقب!، ولهذا السبب نرفض وننفي بكل قوة ما ورد في مخطوط"الدرر المنظمة" للجزيري فيما يخص الأنساب، وحسب ما نهلنا سنوات طويلة من علم الأنساب والتاريخ العربي، وحسب ما توصلنا له من - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البادية وذلك بالبحث الميداني الدقيق والمتفق عليه في أماكن متفرقة في عدة بلاد عربية، والشق الميداني مهم للغاية؟ لأنه يجعل الباحث في هذا المجال لا يكرر الخطأ نقلَا عن غيره معتمدًا عليه في الإسناد التاريخي بثقة تامة، فلا يوجد إنسان معصوم من الزلل أو الخطأ.
وكما أوضح شيئًا هامًّا عن الجزيري ذلك الرحَّالة المشارك في رحلات الحجِّ بعد منتصف القرن العاشر، وهو أن الجزيري كان رجلًا حضريًا ليس له دراية في التعامل مع البوادي من قبائل العرب، والذين كانوا يمكرون به مكر الثعالب لغرضٍ في نفس أحدهم أو لمأرب يرمي إليه آخر، ولهذا غُرر به أثناء رحلاته فيما يخص مجال الأنساب؛ ولأنه مجرد رحَّالة لَمْ يتوخ الحرص اللازم أو الدقة وأخذ الروايات من الثقات أو تأكيدها من عدة مصادر بالإجماع أو الاتفاق العام على تفاصيلها. وهذا الأمر لابد أن يكون مُحَتَّمًا على الباحث في علم النسب أن يَتَّبعه بكل دقة؛ لأنَّ تلك مسئولية خطيرة تمس أنساب وأحساب القبائل العربية التي يقدسونها ويفتخرون بها كابرًا عن كابر وجيلًا وراء جيل، وإن مثل هذا الالتباس