للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيتان واضحان لا حاجة إلى شرحهما، وهو يقول لهؤلاء الأحلاف إن أضمرتم غير ما أقسمتم عليه اليمين فسيعاقبكم الله عليه إن عاجلًا وإن أَجلًا ومن هنا قالوا: إن الشاعر كان مؤمنًا بالبعث، والصحيح أنه عارف ولكن لَمْ يكن مؤمنًا، فهو عارف تمام المعرفة مصير العباد ولكنه مات على دين أبيه.

وأدلة ذلك في القرآن والسنة كثيرة ومعلومة لدى الجميع.

وأما إن أراد زهير أنَّها حينما تأخذ النّاس كصفة خبط العشواء وأظن هذا رأيه فهذا حق. فهي أحيانًا تأخذ الشيخ الكبير الفاني وأحيانًا تأخذ الشاب وتأخذ الفتى بل وأحيانًا الأجنة في بطون أمهاتهم فاللهم ارحمنا برحمتك.

وَأَعْلَمُ مَا في اليوْمِ والأَمْسِ قَبْلَهُ … ولَكِنَّنِي عَنْ عِلْم مَا في غَدٍ عَمِ

يقول إن الذي مرَّ عَلي بالأمس وباليوم أعرفه، وأما ما سيأتي في غد فعلمه ليس إليَّ فأنا جاهل به.

وَمَن لَا يُصَانِعْ في أُمورٍ كَثيرةٍ … يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ ويُوطَأْ بمَنْسَمِ

المصانعة: الترفق والمداراة. ومن لا يترفق بالنّاس ولم يدارهم في كثير من الأمور، يعض بالأضراس ويوطأ بمنسم وهو خف البعير وهذه التسمية باقية إلى اليوم.

وَمَنْ يَكُ ذا فَضلٍ وَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ … عَلَى قَوْمِهِ يُسَتَغَنَ عنْهُ وَيُذْمَمِ

وَمَنْ يَجْعَلْ المَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ … يَفرْهُ وَمَنْ لَا يَتَّقِ الشِّتْمَ يُشْتَمِ

وَمَنْ لَا يَذُدْ عنْ حَوْضِهِ بِسِلَاحِهِ … يُهَدَّمْ وَمَنْ لَا يَظْلم النَّاسَ يُظْلَمِ

هذه الأبيات واضحة لا لبس فيها. أما قوله ومن لا يذد عن حوضه فالحوض هنا بمعني حريم الرجل وهكذا تكني العرب عن الحريم بالحوض، وإلى الآن البادية تعلم أبناءها بهذا، فهم يقولون للولد الصغير (هل تفك الحوض) بمعنى هل تحمية؟ فيقول: نعم فيوافقونه على ذلك ويشكرونه.

ومن لا يحمي حوضه أوشك أن يظلمه النّاس فيهدم حوضه.

وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَهُ … وَلَوْ نَالَ أَسْبَابَ السَّمَاء بسُلَّمِ

هذا صحيح فإن من هاب وخاف أسباب المنية نالته ولَمْ يُجْدِ عليه خوفه وهيبته إياها نفعًا ولو رام الصعود إلى السماء فرارًا منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>