أن الذي أحياك بعد يبس سيحيي العظام وهي رميم. وقد نزل القرآن بذلك في آخر سورة يس. وقد كان يقول:
ألا ليت شعري هل يرى النّاس ما أرى … من الأمر أو يبدو لهم ما بداليا
بدا لي أن النّاس تفنى نفوسهم … وأموالهم ولا أرى الدهر فانيا
وإن متى أهبط من الأرض تلعة … أجد أثرًا قَبَلي جديدًا وعافيا
أراني إذا ما بتُّ بتَّ على هوى … فثم إذا أصبحت أصبحت غاديا
إلى حفرة أهوي إليها مقيمة … يحث إليها سائق من ورائيا
كأني وقد خلفت تسعين حجة … خلعت بها عن منكبي ردائيا
بدا لي أني عشت تسعين حجة … تباعًا وعشرًا عشتها وثمانيا
بدا لي أن الله حق فزادني … إلى الحق تقوى الله ما بدا ليا
بدا ليا أني لست مدرك ما مضى … ولا سابقي شيء إذا كان جائيا
وما إن أرى نفسي تقيها كريمتي … وما إن تقي نفسي كريمة ماليا
ألا لا أرى على الحوادث باقيًا … ولا خالد إلَّا الجبال الرواسيا
وإلا السماء والبلاد وربنا … وأيامنا معدودة واللياليا
أراني إذا ما شئت لاقيت آية … تذكرني بعض الذي كنت ناسيًا
ألم تر أن الله أهلك تُبَّعًا … وأهلك لقمان بن عادٍ وعاديا
وأهلك ذا القرنين من قبل ما ترى … وفرعون أردى جنده والنجاشيا
ألا لا أرى إمة (١) أصبحت به … فتتركه الأيام وهي كما هيا
أم ترى للنعمان كان بنجوة … من العيش لو أن امرءًا كان ناجيا
فعبر عنه رُشْد عشرين حجة … من الدهر يوم واحد كان غاويا
فلم أر مسلوبًا له مثل قرضه … أقلّ صديقًا معطيًا أو مواسيا
فأين الذين كان يعطي جياده … بأرسانهن والحسان الحواليا
(١) الإمة: النعمة.