وفي رسالة الأستاذ سليمان بن رشيد الهمزاني والتي بعثها إلى الأستاذ حمد الجاسر والمؤرخة في ٢١/ ٢/ ١٣٨١ هـ والمنشورة في كتاب (سراة غامد وزهران)(١)، حيث وصف فيها مشاهداته في جرش وما حوله ننقلها كما نشرت لمزيد من الفائدة: بتاريخ ١٧/ ٢/ ١٣٧٩ هـ قمت برحلة من أبها إلى جرش فبت في (خميس مشيط) بنحو ثلاثين كيلا من الجنوب، فاتجهت في سيارة ومعي من يرشدني إلى الجهة المقصودة، فواصلنا السير، وعلى مقربة منها وجدنا مزرعة، رافقنا صاحبها -بعد أن أشار إلى الموقع- وبعد سير قصير اعترضنا رجام متناثرة، ممتدة من الجنوب إلى الشمال، بحيث لم تستطع السيارة نفوذها فسرنا على الأقدام، فأول ما شاهدناه آثار غرف مبنية بالحجارة البيضاء تبلغ مساحة بعضها عشرة أمتار طولا وخمسة عرضا ويبلغ طول بعض الحجارة مترا وربع المتر في عرض ربع متر وسمكه كذلك، وأثناء سيرنا في وسط تلك الآثار وجدنا عددا من الحفر الواسعة المعشبة، والأفنية الرحبة المتفرقة، ورأينا حطاما كثيرا من الآجر والفخار كما رأينا طبقتي رحا عظيمتين طول الواحدة متران تقريبا، في عرض مماثل والسمك يبلغ نصف متر ولكنني لم أجد ثقبا للعود الذي تدار به الرحا عادة، ووجدت بقرب الثقب الذي يوضع فيه ما يطحن من حب أو غيره حفرة مربعة.
ولما بلغنا منتهى آثار المدينة من ناحية الشمال وجدنا طبقتي رحا أخرى مثل التي وصفناها.
وقد قدرت مساحة موقع المدينة من الجنوب إلى الشمال بنحو كيل ونصف ومن الشرق إلى المغرب عرضا بنحو كيل.
وقد قدرت أن تلك الحفر المعشبة كانت آبارا وأن الرحوين كانتا تداران بواسطة آلة، وأن الأحجار التي بنيت بها البيوت كانت تنقل من أمكنة بعيدة، بدليل بياضها الناصع، مع أن الجبال المحيطة بالمدينة سوداء حالكة السواد، وظهر لي من تناثر بعض الغرف والأفنية أنها مدمرة بفعل حرب ضروس.