للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفاق، وكان أن حضر بعض اليهود لحضور المباهلة (المناقشة)، قال الأسقف: أتزعم أن الله قد أوحي إليك أن عيسى خلقه من تراب؟ .. ما نجد هذا فيما أوحي إليك ولا نجده فيما أوحي إلينا ولا يجده هؤلاء اليهود فيما أوحي إليهم. فأوحي تبارك وتعالى إلى نبيه الكريم: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١)} [آل عمران].

فانصرف الوفد إلى نزلهم وقالوا: والله إنكم لتعلمون أنه نبي، ولئن باهلناه إنا لنخشى أن نهلك، ولكن استقيلوه لعله يقيلنا! .. فلما أصبحوا غدوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستقالوه فأقالهم ولم يسألوا النَّبِيّ شيئًا إلَّا أعطاه .. وقد أرسل الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك خالد بن الوليد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى نجران وأهلها ليدعوهم إلى الإسلام فمكث فيهم ستة أشهر ولم يستجيبوا له، فبعث عليّ بن أبي طالب إليهم وإلى همدان جميعًا، فلما وصل إلى نجران وقرأ عليهم رسالة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسلموا ثم واصل دعوته حتى أسلمت همدان بأكملها، فكتب علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك فسجد لله شكرا وقال: (سلَّام علي همدان .. سلَّام علي همدان) وبقيت نجران وأهلها في رحاب الدولة الإسلامية الجديدة حتى وقعت الفتنة أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بفعل مكائد ودسائس اليهود (عبد الله بن سبأ ابن السوداء) حيث تم قتل عثمان، فأرسل معاوية بن أبي سفيان جيشًا في سنة ٣٩ هـ بقيادة (بسر بن أرطأة) إلى صنعاء فمر بنجران وفتك بأهلها وقاوموه على اعتبار أنه خرج عن طاعة علي بن أبي طالب آخر خليفة من الخلفاء الراشدين، ومن هنا جاء حب نجران لعلي .. وقد ورد ذكر يام على لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في قصيدته المشهورة عن همدان .. وصارت نجران منذ ذلك الحين تحكم من قبل أهلها ولم تخضع لأحد، وكثيرا ما كانت تتعرض للغزوات أو يقوم أهلها بغزو الكثير من البلدان في اليمن وحضرموت ونجد كما قال الشاعر اليامي:

خيلنا نارد بوادي حنيفة … وتارد بها الخارد اليا كان مسيول

<<  <  ج: ص:  >  >>