جناب السلطان بإرادته السنية، ووفق منطوقه المنيف وعلى الوجه الذي استأذنتموه وعلى هذا فإن الأمر والفرمان لحضرة ولي الأمر" ج ١٥.
وإذا كنا لا نعرف يقينا الكيفية والظروف التي أسر بها راكان ولا الطريق التي سلكها إلى منفاه إلَّا أننا بفضل هذه الوثائق عرفنا على وجه الدقة المكان الذي حددته الدولة مكانا لنفيه وهي بلدة نيش حيث قبل ذلك لَمْ تستطع مصادرنا الشعبية أن تحدد مكان النفي بل حاولت اجتهادا ولكنها لَمْ تكن قريبة من الدقة، وكررت معظم تلك المصادر أنه كان منفيا في بلاد الروم وفي نظرهم أن كل ما هو شمال الجزيرة العربية يندرج تحت مسمى بلاد الروم.
وكدنا أن نقع في نفس الإشكال السابق عندما فشلت مصادرنا الشعبية في تحديد زمان عودته والطريق التي عاد من خلالها إلى الجزيرة العربية ولكوننا لا زلنا نفتقد إلى المصادر الوثائقية والتي إذا ما تم الكشف عنها فإنها حتما ستجلي كل غموض وحتى يتم لنا التمكن من ذلك مستقبلًا فإن المصدر الذي نعول عليه في هذا هو إشارة الرحَّالة الإنجليزي الشهير شارلز داوتي (Charles M - Doughty) الذي كان موجودا في حائل عشية قدوم الشيخ راكان إليها عائًدا من منفاه قادمًا إليها من المدينة المنورة.
حيث ذكر ذلك الرحَّالة ما نصه "قابلت (في حائل) شخصا غريبا عائدا لتوه من الحرب، قدم إلى حائل برفقة شيخ العُجمان الكبير الذي قدم مؤخرا إلى حائل، ذلك الشيخ العربي الذي كان قد أسره الأتراك بعد احتلالهم للأحساء وقاموا بنفيه إلى تخوم روسيا، حيث بقي هناك سبع سنوات في السجن ومن خلال السنتين الأخيرتين فقد أبناء عشيرته الأمل في عودته واعتقدوا أنه قد مات، ولكن هذا الفارس الشجاع في هذه البلاد الغريبة ما إن سمع صرخة الحرب في سبيل الدين حتى تقدم بطلب إلى السلطان ليأذن له بالمشاركة فيها، وقد منحت له الحرية ليحمل رمحه مجاهدا في سبيل الله ورسوله".