للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستطرد داوتي في حديثه عن راكان حيث قال: "جرح هذا النبيل العربي في ذراعه أثناء تلك الحروب، وعند وقف إطلاق النار بين الطرفين، منحه السلطان حق ما يطلبه من مكافأة فكان طلبه أن يسمح له بالعودة إلى بلاده (هِجْر) وفي شهر رمضان وصل ومرافقه إلى جدة حيث قاما بزيارة مكة والمدينة، ومن المدينة غادرا إلى حائل حيث استقبله الأمير محمد بن رشيد بكل حفاوة، وانصرف من عنده محملا بالهدايا الأميرية المتكونة من ثلاث من الذلايل وخرج مملوء بريالات الفضة، وغادر النبيل العربي عائدا إلى بلاده.

ذكر المستشرق الرحَّالة جوليوس يوتنج (Julius Eututing) الذي زار حائل عام ١٨٨٣ م في يومياته بتاريخ يوم السبت الموافق ٢٩ ديسمبر ١٨٨٣ م بأنه التقى بالشيخ راكان شيخ العجمان في مدينة حائل - وفيما يبدو أن الشيخ راكان كان كثير التردد على حائل بعد سنوات عودته من المنفى - وقد لفت انتباه هذا المستشرق حديث الشيخ راكان ببعض الكلمات التركية، ولمعرفة ذلك علم فيما بعد أن راكان قضى سبع سنوات سجينا منفيا في قلعة "نيش" في بلاد الصرب، بعد أن تم القبض عليه من قبل الأتراك في الأحساء بطريقة غادرة وذلك قبل حوالي عشرين عامًا ونفيه إلى أوربا والذي دبر مكيدة القبض عليه هو مدحت باشا.

هو راكان بن فلاح بن حثلين زعيم قبيلة العُجمان من يام، عاش بين مضارب قبيلته في منطقة الصمان والدهناء في شعب جزيرة العرب، لقد نشأ فارسًا شجاعا ومقداما بارعا، وهو من القلائل الذين تطابقت أفعالهم مع أعمالهم، فقد ألهب نفوس قومه حماسة ضد المحتلين الأتراك، فقاومهم أشد مقاومة حتى قض مضاجعهم، فما لبثوا إلَّا أن قرروا الخلاص منه وأخذوا ينصبون له المكائد إلى أن سنحت لهم الفرصة بذلك، وكان ذلك على يد بعض المتعاونين معهم، والقي القبض على راكان وسيق مقيدا إلى سجون الأتراك وراء البحور، وهناك عاش فترة سبع سنوات في زنزانته التي تشرف طاقتها على البحر وكان لا يرى من السماء إلَّا الجزء المنير له من تلك الطاقة، لكن نفس راكان كانت مملوءة

<<  <  ج: ص:  >  >>