وهذه إحدى قصائد الشيخ راكان بن حثلين في المنفى:
يا بو معارف هضْتني وأنت مطفُوق … طَيَّرت من عيني لذيذ المراحي
فانْ كان هَمّكَ زاهيِ الحجل والطوّق … ما همّني لو كان زينه بْضاحي
الهمْ والله لابتى سَنَّدوا قُوق … هذي منازلها عَفتْها الرياحي
قادوا السّلف واستجنبوا كل صعْفُوق … يتلون براقٍ من الوسم لاحي
وان صاح صياح ورا طارف النوق … نلحق على قبٍ شعفها الصباحي
واليا لحثنا بأوّل الخيل مفروق … كم خيّرٍ بين الحفيفين طاحي
كانت همومه مركزة على التواجد على قومه ومضاربهم، توجده على مواقعهم المحببة إلى قلبه، فإذا كان هم صديقه أبو معارف البنات الغطاريف اللواتي يزين أرجلهن بالحجل وجيدهن الطوق، فهو -أي راكان- لا يأبه بذلك أبدا ولكن هل صحيح بأن قلب راكان كان خاليا إلى حد الاضمحلال أم كانت له هناك خفقات قلب تحب، وذلك على غرار من أحبوا قلبه وعاينوا ضروب الحب وآهاته وتوجده وحسراته.
لنرى في القصيدة التالية غزل راكان وتوجده ولكنه الغزل المشبوب بنفحات الفروسية والبطولة، فالفروسية والحب عنده توأمان لا يتفارقان أبدا، وهذا ديدنُ الشعراء الفرسان، فها هو عنترة العبسي شاعر الحب والهوى لم ينسَ محبوبته عبلة حتى وهو في أتون المعركة:
ولقد ذكرتك والرماحُ نواهلُ … منّي وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنهَا … لمعت كبارق ثغرك المتبسمِ
فتعال معي قارئي العزيز لنستمتع بأبيات الشيخ والشاعر والفارس راكان بن حثلين، يقول راكان:
القلب عند صَرْيِّع جَرْونّه … في رُوشَنِ عند الوجُوه المسافير
والبيض عقب اوجالهن يدهلنّه … ويوسُعون صدورهن بالتسايير
في كما القائد وهم يتبعنّه … عين المهاة التي ترب الوعاتير
غرين من بيض الصبايا لونّه … اللي سطى به حب بيض الفنادير