وَفي النَّاس إِنْ رَثَّتْ حِبَالَكَ وَاصِلٌ … وَفي الأَرْضِ عَنْ دَارِ الْقِلىَ مُتَحَوّلُ
إِذَا أنْتَ لَمْ تُنْصفْ أخَاكَ وَجَدَّتهُ … عَلَى طَرَفِ الْهجرانِ إِنْ كَانَ يَعْقِلُ
وَيَرْكَبُ حَدَّ السَّيْفِ مِنْ أنْ تَضِيمَةُ … إِذا لَمْ يكن عَنْ شِفْرَةِ السَّيفْ مَدْخَلُ
وَكُنْتُ إِذَا مَا صَاحبٌ رَامَ ظَنَّتي … وبَدَّل سُوءًا بالَّذي كُنْتُ افْعَلُ
قَلبْتُ لهُ ظَهْرَ المْجِنِّ فَلَمْ أدُمْ … عَلَى ذَاكَ إلَّا رَيْثَمَا أَتَحَوَّلُ
إذا انْصَرفَتْ نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ لَمْ تَكَدْ … إِلْيهِ بِوجْه آخر الدَّهْرِ تُقْبِلُ
وهو القائل:
دَعَاني يَشُبُّ الْحَرْبَ بَيْني وبَيْنَه … فَقُلْتُ لَهُ لَا بَلْ هَلْمَّ إلىَ السِّلْمِ
وَيَّاكَ وَالحَرْبَ الَّتي لَا أدِيُمهَا … صَحِيحٌ وَلَا تَنْفكُّ تَأْتي عَلَى وَغْمِ
فَلَمَّا أَبَى خَلَّيْتْ فَضْلَ عِنَانهِ … إِلَيْهِ فلَمْ يَرْجِعْ بِحَزْمٍ وَلَا عَزْمِ
فكانَ صريعَ الخيل أوَّل وَهْلَةٍ … فَبُعْدًا لَهُ مُخْتَارَ جَهْلٍ عَلَى عِلَمِ
روي أن عبيد الله بن العباس مرّ بمعن بن أوس وقد كف بصره فسأله عن حاله فقال له معن ضعف بصري وكثر عيالي وغلبني الدَّين. قال عبيد الله: وكم دينك؟ قال عشرة آلاف درهم فبعث بها إليه، ثم مر من الغد فقال كيف أصبحت يا معن؟ فقال:
أَخَذْت بِعَيْنِ الْمِال حَتَّى نَهكْتُهُ … وَبالدَّيْنِ حَتَّى مَا كَادُ أُدَانُ
وَحَتَّى سألت الْقَرْضَ عنْد ذَوِي الْغِنىَ … وَرَدَّ فُلَانٌ حاجَتي وَفلَانُ
فقال عبيد الله: الله المستعان، إنا بعثنا إليك بالأمس لقمة فما لُكْنها حتى انتزعت من يدك فأي شيء للأهل والقرابة والجيران؟ وبعث إليه بعشرة آلاف درهم أخرى. وعُمِّرَ معن بن أوس إلى زمان ابن الزبير وهو الذي قال لابن الزبير لعن الله ناقة حملتني إليك (١).
(١) لم أجد مرجعًا لشعر معن بن أوس وأخباره سوى كتاب صغير الحجم عظيم الفائدة لمؤلفه الأستاذ عمر محمد سليمان القطان فكفاني مؤونة البحث عن غيره، جزى الله مؤلفه خيرًا.