للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلَّم ببياض القباء والقلنسوة فاقتتلوا قتالًا شديدًا لم يسمع السامعون بوقعة كانت أشد منها، وما كان يسمع إلا وقع الحدد وصبر لهم المسلمون صبرًا عظيمًا وانهزم الأعاجم وقُتل منهم ما بين الزوال والإِعتام ما طبق أرض المعركة دمًا يزلق الناس والدواب فيه. فلما أقر الله عين النعمان بالفتح استجاب له فقُتل شهيدًا زلق به فرسه فصُرع. وقيل بل رمي بسهم في خاصرته فقتله فسجاه أخوه نعيم بثوب وأخذ الراية قبل أن تقع وناولها حذيفة فأخذها وتقدم إلى موضع النعمان وترك نُعيمًا مكانه. وقال لهم المغيرة اكتموا مصاب أميركم حتى ننظر ما يصنع الله فينا وفيهم لئلا يهن الناس. فاقتتلوا فلما أظلم الليل عليهم انهزم المشركون وذهبوا فلزمهم المسلمون وعمي عليهم قصدهم فتركوه وأخذوا نحو اللهب الذي كانوا نزلوا دونه باسبيذهان فوقعوا فيه فكان الواحد منهم يقع عليه ستة بعضهم على بعض في قياد واحد فيقتلون جميعًا وجعل يعقرهم حسك الحديد فمات منهم في اللهب بشر لا يحصون كثرة سوى من قتل في المعركة.

قال: وكان السائب بن الأقرع الثقفي كاتبًا حاسبًا فأرسله عمر إليهم وقال له: إن فتح الله عليكم فاقسم على المسلمين فيأهم وخذ الخمس وإن هلك هذا الجيش فاذهب فبطن الأرض خير من ظهرها.

وكان صاحب بيت النار يقال له الهربذ وكان حذيفة أمَّنه ومن معه على أن يخرج ذخيرة لكسرى تركت عنده لنوائب الزمان فأحضر جوهرًا نفيسًا في سفطين. قال السائب: فلما فتح الله علي المسلمين وأحضر الفارسي السفطين اللذين أودعهما عنده (النخيرجان) فإذا فيهما اللؤلؤ، والزبرجد، والياقوت، فلما فرغت من القسمة احتملتهما مغي وقدمت على عمر، وكان قد قدَّر الوقعة فبات يتململ ويخرج ويتوقع الأخبار فبينما رجل من المسلمين قد خرج في بعض حوائجه فرجع إلى المدينة ليلًا فمر به راكب فسأله من أين أقبل؟ فقال: من نهاوند وأخبره بالفتح وقتل النعمان. فلما أصبح الرجل تحدث بهذا بعد ثلاث من الواقعة فبلغ الخبر عمر فسأله فأخبره فقال: ذلك بريد الجن. ثم قدم البريد بعد ذلك فأخبره بما يسره ولم يخبره بقتل النعمان، قال السائب فخرج عمر من الغد يتوقع الأخبار قال فأتيته

<<  <  ج: ص:  >  >>