للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد إخراجه من السجن وحين هم بكير بالمسير إلى "طخارستان" واليا عليها من قبل أمية، غير أمية رأيه في ذلك بمشورة بحير وأبقى بكيرا ثم أغزاه بلاد ما وراء النهر، وعدل عن ذلك أيضًا.

ولما غزا أمية بلاد ما وراء النهر، أخذ بكير معه، فلما كان في منتصف الطريق رده إلى "مرو" واليا عليها فلما أن وصلها بكير حتى خلع الطاعة وانتقض على أمية بمؤازرة رجال من تميم من أمثال: عتَّاب اللَّقوة، والأحنف العنبري (١)، وبعد حرب بين أمية وبكير اصطلح الاثنان على أن يقضى أمية عن بكير أربعمائة ألف درهم، ويصل أصحابه ويوليه أي كور خُراسان شاء (٢).

على أنّ مدة الصلح لم تدم طويلا حيث هَمَّ بكير بالانتقاض مرة أخرى فقبض عليه أمية في سنة ٧٧ هـ ودفعه إلى غريمه بحير بن ورقاء الذي قتله ولم يستمع إليه حين قال: إنَّك بقتلي تفرق أمر بني سعد، بل كان رده عليه: إن بني سعد لن يتفقوا ما دمنا حيين (٣).

والذي يلاحظ هوأن خلاف بني تميم قد زاد بعد أن أقصى بكير عن الولاية فكان شمَّاس بن دِثار وهو عطاردي من عشيرة بكير مع بحير، وكان على مقدمة جيش أمية المكلفَ بالقضاء على ثورة بكير في "مرو" (٤)، بل إن كثيرا من الزعماء التميميين (٥) كانوا مع بحير، ولا شك أنهم قد نقموا على بكير موالاته لابن خازم، ومع ذلك فإن بكيرا لم يعدم مؤيدا من التميميين حتى بعد وفاته؟ فقد قال عثمان بن رجاء السّعدي:

فلو كنت من عوف بن سعد ذؤابة … تركت بُحيرا في دم مترقرق

فقل لبُحير نم ولا تخش ثائرا … بعوف فعوف أهل شاءٍ حبلّق (٦)


(١) لما هم بكير بالعودة إلى "مرو" بأمر من أمية أشار عليه عتاب اللقوة بأن يحرق السفن، ويستولي على "مرو" بعد أن يخلع أمية ويأكلها إلى زمن، وقد أيد الأحنف العنبري اليربوعي ذا الرأي وأطاعهما بكير، انظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ج ٧ ص ٢٠٩.
(٢) أنظر ابن الأثير: الكامل، ج ٤ ص ٧٠.
(٣) انظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ج ٧ ص ٢١١.
(٤) انظر حسين حسن: أعلام تميم ص ٢٨٠.
(٥) من أمثال: ضرار بن الحصين وعبد العزيز بن جارية بن قدامة السعدي، وقد شهدا فيما يقال مع بحير على بكير عند أمية وقالوا: إنه يزمع على الثورة فقال بكير: إن هؤلاء أعدائي. انظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ج ٧ ص ٢٧٩.
(٦) انظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ج ٨ ص ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>