للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو بذلك يستنهض بني عوف بن كعب للأخذ بثأر بكير (١)، وقد أثارت أبياته حفيظتهم فتعاقد منهم سبعة عشر رجلا على الطلب بدم بكير وقتله واحدا منهم (٢).

والقصة في ذلك طويلة على أن خلاصتها هي أن صعصعة بن حرب من بني عوف بن كعب بن سعد خرج من البادية (٣)، إلى سجستان مدعيا أنه من بني حنيفة فلاطف قرابة بُحير هناك ثم قال: إني سائر إلى بُحير طمعا في أن يعينني على رد ميراث غلبت عليه وأود لو كنتم معي إليه ففعلوا ذلك فسار حتى أدرك بُحيرا ب "آخرون" فيما وراء النهر مع المهلب بن أبي صفرة، ومكث معه زمنا مترددا إليه على أنه حنفي من بكر بن وائل وإلا فقد كان بحير كثير الاحتراس، ولا يأمن أحدا.

وفي غفلة من بحير في يوم من الأيام دنا منه وقتله فقال الناس: خارجي وصاح هو يالثأرات بكير أنا ثائر ببكير وقد طبت نفسا حينما قتلته أمام الملأ ولو أردت غير ذلك لفعلت (٤) وانتهي الأمر به إلى القتل.

غير أن بني عوف، والأبناء ثاروا لما يرونه من عدم وجود مبرر لقتل صعصعة وقد قتل بحير ببكير وضج بنو مقاعس والبطون حمية لبحير، وخاف الناس أن يعظم البأس لكن أهل الحجي مع المهلب حملوا دم صعصعة وجعلوا دم بحير بواء ببكير (٥) وكان ذلك في عام ٨١ هـ (٦).


(١) انظر إحسان النص: العصبية القبلية ص ٣٨١.
(٢) كان بُحير يعلم بأن المتعصبين لبكير يطبون دمه وقد قال في ذلك:
توعدني الأبناء جهلا كأنما … يرون فنائي مقفرا من بني كعب
رفعت له كفي بحد مهند … حسام كلون الملح ذي رونق عضب
انظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ج ٨ ص ٧.
(٣) يقصد بالبادية بادية البصرة وقد يقال لها: بادية في تميم.
(٤) قال المهلب بن أبي صفرة: ما رأيت رجلا أسخي بالموت من هذا، انظر ابن الأثير: الكامل ج ٤ ص ٧٦.
(٥) انظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ج ٨ ص ٧.
(٦) انظر ابن كثير: البداية والنهاية ج ٩ ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>