للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبل منهم الجزاء على المنعة، وبينما نعيم في مدينة همذان في توطئتها في اثني عشر ألفًا من الجند تكاتب الديلم وأهل الري وأهل أذربيجان ثم خرج كل منهم بجيشه وبعثوا إلى نعيم بالخبر فاستخلف يزيد بن قيس وخرج إليهم في الناس بموقع يقال له (واج روذ) فاقتتلوا بها قتالًا شديدًا وكانت وقعة عظيمة تعدل نهاوند ولم تكن دونها وقتل من القوم مقتلة عظيمة لا يحصون وقد كانوا كتبوا إلى عمر باجتماعهم ففزع منها عمر واهْتمَّ بحربها وتوقع ما يأتيه عنهم فلم يفجأه إلا البريد بالبشارة فقال أبشير؟ فقال بشير، فقال عمر: رسول نعيم. قال: رسول نعيم. قال: الخبر، قال: البشرى بالفتح والنصر وأخبره الخبر فحمد الله وأمر بالكتاب فقرئ على الناس فحمدوا الله فكتب عمر إلى نعيم أن سر حتى تقدم الري فتلقى جمعهم ثم أقم بها فإنها أوسط تلك البلاد وأجمعُها لما تريد فأقر نعيم يزيد بن قيس الهمْداني على هَمَذَان (١). وسار من واج الروذ بالناس إلى الري وقال نعيم في واج الروذ:

لَمّا أتَاني أنَّ مَوْتًا وَرَهْطَهُ (٢) … بَني بَاسلٍ جَرُّوا جُنُود الأعَاجِم

نَهَضتُ إلْيهِم بالجُنُود مُسَاميًا … لأمْنَعَ مِنهم ذِمَّتي بِالْقواصِم

فَجئْنَا إِليْهمِ بالْحَديد كَأنَّنَا … جِبالٌ تَرَاءَى مِن فُرُوع الْقَلَاسِم

فَمَّا لَقِينَاهُم بَها مَسْتَفِيضَة … وَقَدْ جَعَلُوا يَسْمُونَ فعْل المُساهم

صَدَمْنَاهُمُ في وَاج رَوذ يَجْمعنَا … غَدَاة رَمَيْناهَمُ بِإحْدَى الْعظَائِم

فَمَا صَبَرُوا في حَوْمَةِ الموت سَاعَةً … لَجِدَّ الرِّمَاحِ والسُّيوفِ الصَّوارِمِ

كَأنَّهُم عِنْد انْبِثَاثِ جُمُوعِهِم … جِدَارُ تَشَطّى لِبْنُهُ لِلْهَوادم

أصَبنَا بهَا مَوْتًا وَمَنْ لَفَّ جَمْعُهُ … وَفيهَا نِهِابٌ قَسْمُهُ غَيْرُ عَاتِم

تَبعْنَاهُمُ حَتَّى أوَوْا في شِعَابِهِمَ … نُقَتِّلُهْم قَتْلَ الْكِلَابِ الْجَوَاحِم

كَأَنّهُمُ في وَاج رَوْذٍ وَجَوِّهِ … ضَئِينٌ أصابتها فَرُوجُ الْمَخارِم


(١) هَمذان قبيلة باليمن. صاحب الإكليل، وهَمَذَان بلدة معروفة في شرق آسيا.
(٢) موتا: رجل من كبارهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>