الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فأغارا مع المسلمين في النهب وجاءت الخيل من ورائهم خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل فاختلطوا فقاتلا أشد القتال فانفرقت فرقة من المشركين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من لهذه الفرقة؟ فقال وهب بن قابوس: أنا يا رسول الله فقام فرماهم بالنبل حتى انصرفوا ثم رجع، فانفرقت فرقة أخرى فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من لهذه الكتيبة؟ فقال المزني: أنا يا رسول الله فقام فذبها بالسيف حتى ولَّوا ثم رجع المزني، ثم طلعت كتيبة أخرى فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فقال المزني: أنا يا رسول الله فقال: قم وأبشر بالجنة. فقام المزني مسرورًا يقول والله لا أقيل ولا أستقيل، فقام فجعل يدخل فيهم فيضرب بالسيف ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليه والمسلمون حتى خرج من أقصاهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم ارحمه ثم يرجع فيهم فما زال كذلك وهم محدقون به حتى اشتملت عليه أسيافهم ورماحهم فقتلوه فوجد به يومئذ عشرون طعنة برمح كلها قد خلصت إلى مقتل ومُثِّل به أقبح المثل يومئذ ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتى قتل. فكان عمر بن الخطاب يقول: إن أحب ميتة أموت عليها لما مات عليه المزني.
وقال الواقدي: كان بلال بن الحارث المزني يحدث يقول: شهدنا القادسية مع سعد بن أبي وقاص فلما فتح الله علينا وقسمت بيننا غنائمنا، فأسقط فتى من آل قابوس من مزينة، فجئت سعدًا حين فرغ من نومه فقال بلال؟ قلت: بلال قال مرحبًا بك من هذا معك؟ قلت: رجل من قومي من آل قابوس، قال سعد ما أنت يا فتى من المزني الذي قُتل يوم أُحد؟ قال: ابن أخيه، قال سعد: مرحبًا وأهلًا ونعم الله بك عينًا، ذلك الرجل شهدت منه يوم أحد مشهدًا ما شهدته من أحد، لقد رأيتنا وقد أحدق المشركون بنا من كل ناحية ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسطنا والكتائب تطلع من كل ناحية وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرمي ببصره في الناس يتوسمهم، يقول من لهذه الكتيبة كل ذلك يقول المزني أنا يا رسول الله يردها كل ذلك يردها فما أنسى آخر مرة قامها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قم وأبشر بالجنة، قال سعد: وقمت على أثره يعلم الله إني أطلب مثل ما يطلب يومئذٍ من الشهادة فخضنا حومتهم حتى رجعنا فيهم الثانية. وأصابوه - رحمه الله - وودت والله أني كنت أصبت يومئذ معه ولكن أجلي استأجر. ثم دعا سعد من ساعته بسهمه فأعطاه وفضله وقال: اختر في المقام عندنا أو الرجوع إلى أهلك، فقال بلال: إنه يستحب الرجوع فرجعنا.