وقد حاول بعضهم النيل من هذا الصحابي الجليل بسبب كثرة روايته، غير أنه دافع عن نفسه، ولهذا فإن ما ألفه أحد المتأخرين وهو الأستاذ محمود أبو ريّة (١) عن هذا الصحابي الجليل مما لا يصح الاعتماد عليه.
٣ - أم أبان الدوسية زوجة عثمان: قدم جندب بن عمرو بن حممة الدوسي المدينة مهاجرًا في خلافة عمر بن الخطاب، ثم مضى إلى الشام للجهاد، وخلف ابنته أم أبان عند عمر وقال: يا أمير المؤمنين إن وجدت لها كفؤًا فزوجه بها، ولو بشراك نعل، وإلا فأمسكها حتى تلحقها بدار قومها في السراة، فكانت عند عمر، وقتل أبوها شهيدًا، فكانت تدعو عمر أباها ويدعوها ابنته. وبينما عمر على المنبر يومًا يكلم الناس في بعض الأمور إذ خطر على قلبه ذكرها فقال: من له في الجميلة الحسيبة بنت جندب بن عمرو ابن حممة؟ وليعلم امرؤ من هو! فقام عثمان فقال: أنا يا أمير المؤمنين. فقال: أنت لعمرو اللَّه "أهل" كم سقت إليها؟ قال: كذا وكذا. قال: قد زوجتكها، فعجل المهر فإنها مُعَدَّة. ونزل عن المنبر فجاء عثمان بمهرها، فأخذه عمر في ردنه، فدخل به عليها وقال: يا بنية مُدي حجرك!. ففتحت حجرها فألقى فيه المال، ثم قال يا بنية قولي: اللهم بارك لي فيه. فقالتها، ثم قالت: وما هذا يا أبتاه؟ قال: مهرك. فنفخت فيه وقالت: واسوأتاه. فقال: احتبسي منه لنفسك ووسعي منه لأهلك، وقال لحفصة: يا ابنتاه أصلحي من شأنها، وغيري بدنها، واصبغي ثوبها، ففعلت، ثم أرسل بها مع نسوة إلى عثمان، ولما ذهبت قال عمر: إنها أمانة في عنقي أخشى أن تضيع بيني وبين عثمان، فلحقهن، وذهب معهن حتى ضرب على عثمان بابه ثم قال: خذ أهلك بارك اللَّه لك فيهم، فدخلت على عثمان، فأقام عندها طويلا، لا يخرج إلى حاجة، فدخل عليه سعيد بن العاص. فقال له يا أبا عبد اللَّه لقد أقمت عند هذه الدوسية مقامًا ما كنت تقيمه عند النساء. فقال أما أنه ما بقيت خصلة كنت أحب أن تكون في امرأة إلا صادفتها فيها ما خلا خصلة واحدة. فقال: وما هي؟ قال: إني رجل قد دخلت في السن، وحاجتي في النساء الولد، وأحسبها حديثة لا ولد فيها اليوم. فتبسمت. فلما خرج سيعيد قال عثمان لها: ما أضحكك؟