منطقة الحمى لحالية وعاد بنو سار فرحين بالحكم، ولكنهم أنشدوا متفاخرين يقولون:
حكم لنا قدام سيدي حيدره … ولا درى أن الحكم عندي في البلد
وطيت في ريع المسيكة مجزره … مجزرة يعلم بها الجد الولد
يا عم سعيد يا كلامك ما اكبره … لا تأمن الدنيا ترى الدنيا بعد
واللَّه ما تعدى الردم فأنا مره … واسقيك من شي كما حشو البرد
ومن يومها أصبحت (المسيكة) مرة أخرى حمى لبني سار، فقاموا على حمايتها من الرعي وجعلوا لاستغلالها نظامًا مرسومًا له أصول متوارثة تدل على سعة فهم لطبيعة المراعي ووسائل تحسينها عن طريق حماية النباتات الجيدة، الصالحة للرعي لتنمو وتتكاثر ولتستمر البيئة متقدمة في تطورها نحو عشيرة نباتية أرقى وأنفع من الناحية الرعوية.
ويمكن اعتمادًا على ذكر اسم الشريف حيدرة في الأنشودة التي ذكرناها بعاليه وعلى ذكر (حشو البرد) في آخر بيت منها، والمقصود به نوع البارود الذي كان مستعملا في البنادق القديمة، أن هذا الحمى قد أصبح مصانًا منذ أكثر من أريعين سنة تقريبًا، أي إلى ما قبل بدء الحكم السعودي إلى الآن. وقد أمكن دراسة منطقة (حمى بني سار) واتضح أن مساحته تتراوح ما بين ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ فدان إذ إن طوله ٤ كيلو مترات تقريبًا وعرضه أكثر من كيلو متر واحد في أكثر من مكان، ويقع الحمى إلى الشمال من بلجرشي في منطقة جبلية تقع ضمن البيئة النباتية التي ينمو فيها العتم (أي شجرة الزيتون البري والمعروفة باسم Olea Chrysoppylla).
وقد يكون ارتفاع المنطقة عن سطح البحر حوالي ٢٠٠٠ متر، وقد سبقت الإشارة في بحث مناخ هذه المنطقة وتوزيع أمطارها إلى أن متوسط ما تناله سنويا من المطر قديكون ما بين ٣٠٠ و ٥٠٠ مليمتر.
وقطاعات التربة السطحية على طول الطريق الذي مهد حديثًا إلى بلجرشي مارا بالناحية القريبة من الحمى توضح المدى الذي تراكمت فيه التربة الخصبة بين جذور الأعشاب نتيجة لما أضفته أو كلفته من الحماية ومنع التآكل والانجراف.