ولقد سألت الأمير شكيب أرسلان عن بعض الأمور التي لها صلة بأعراب بئر السبع، فبعث إلي من لوزان بكتاب قال فيه - حفظه الله: إنه يظن أن أصل العزازمة من الشرارات الذين منهم فرقة يقال لها العزازمة أيضًا، وأنَّه لابد من وجود صلة بين عزازمة بئر السبع وعزازمة الشرارات. كما أن "آل عزام" في الجيزة بمصر هم من عزازمة فلسطين، وأن بني عزام الدروز الموجودين في حوران منهم، فإذا علمنا أن الشرارات من بني كلب وأن بني كلب من العرب القحطانية تأكدنا أنهم من أصل عربي معروف.
وقد حدثني الشيخ عودة بن جخيدم عن جدهم "عزام" فقال:
إنه عندما كان رضيعًا أخذته أمه وخرجت به إلى الفلاء، وقد كان الحر شديدًا في ذلك اليوم. وبعد أن قطعا شوطًا كبيرًا من الطريق أصابهما ظمأ شديد، فحاولت الأم أن تجد الماء ولكنها عبثًا حاولت إذ خانتها قواها فألقت بولدها إلى الأرض لتستطيع أن تستأنف السير وتفتش على الماء فأخذ هذا ينبش الأرض برجليه من غير قصد، ولم يلبث برهة حتى ظهر الماء، وشربت الأم، وأنقذ الولد (١).
سارت الأم بولدها بعد أن شربت من الماء حتى وصلت إلى "عينونة" و "أقيان" من أعمال الحجاز فنزلاها واستوطناها وزرعا فيها أشجار النخيل فترعرع عزام هناك وكبر ثم تأهل بفتاة من أهلها. ولما مات خلف وراءه ستة أولاد هم سرحان، ومحمد، وفرحان، وسعيدة، واشتيه، ونصر.
ثم هجر الإخوة فعا تلك الديار وهبطوا أرض سيناء والقسم الجنوبي من فلسطين فاستوطنوا الأراضي المجاورة للشلال، وكثرت ذريتهم؛ فخلف سرحان السراحين والزربة، وخلف محمد المحمديين، وخلف فرحان الفراحين والمريعات، وخلف اشتيه المسعوديين والسواخنة والطبايعة "أي الصبحيين"، وخلف سعيد
(١) هذه القصة وردت في رواة المساعيد عن الجد الأول للأحيوات (انظر عن ذلك قبيلة الأحيوات من المساعيد).