للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِمِّيةٌ صلَّى وزَمْزَمَ حَولَها … من آل بَرمكَ هَرْبدٌ ومَجُوسُ (١)

تَجَلُو الكَئُوسَ - إذا جلَتْ عن وَجهِهَا … شمسًا غَذَاهَا الشَمْسَ فَهِي عَروسُ

عَكَفَتْ بها عُفْرُ الظبَاء كأنَّها … بأَكفهنَّ كواكبٌ وشموسُ (٢)

من كلِّ مرتَجِّ الرَّوادف أَحورٍ … كِسْرى أَبوه وأمه بَلْقيسُ

رَخُو العِنان، إذا ابتديت فخادم … وإذا صبوت إليه فهو جَليسُ

يَسْعَى بإبريقٍ كأَنَّ فِدَامَهُ … من لونها في عصفرٍ مَغموسُ (٣)

يسقيكَ ريقَ سبيئةٍ حِيريَّة … مما اسْتَبَاهُ لفصْحِه القسيس

بين الخَورْنقِ والسَّدير مَحِلَّة … لِلَّهْوِ فيهَا منزلٌ مَطْمُوسُ (٤)

فالنَّدُّ من ريحانها مُتَضَوِّعٌ … والظَّهر من غزلانِهَا مَدْحُوسُ (٥)

نَحِسَ الزَّمانُ بأهْلِهَا فَتَصَدَّعُوا … إنَّ الزَمَان بأَهْلِهِ لَنَحُوسُ

كُنَّا نَحُلُّ به ونحنُ بغبطةٍ … أيامَ للأَيَّامِ فيه حَسيسُ

فَبَنَى عَليهِ الدهرُ أَبْنية البلى … فَعَلَى رَبَاه كآبةٌ وعبوسُ

وَصَريع كأس بتُّ أرقبهُ وَقَدْ … نَهَشَتْهُ من أَفْعَى المدامِ كَئوُسُ

عَقلَ الزُّجَاجُ لسَانَه وَتَخَاذَلَتْ … رِجْلاهُ فهو كأنَّه مَطسُوسُ (٦)

سَطَتِ العُقارُ به فَرَاحَ كأنَّما … مَجَّ الرَّدَى في كأسِهِ الفَاعُوسُ (٧)

ومما يستحسن له قوله:

نَهَى عَنْ خُلِّةِ الخَمْرِ … بَياضٌ لاحَ في الشَّعْرِ

وَقَد أَغْدو وعَينُ الشمـ … ـسِ في أثوابِها الصُّفْرِ

عَلَى جَرْداءَ قَبَّاءَ الـ … ــحَشا مُلْهِبة الحُضْرِ (٨)


(١) الزمزمة: كلام المجوس عند أكلهم. وآل برمك من الفرس - كان لهم صولة في العهد العباسي. والمجوس عبدة النار.
(٢) عَفِرَ الظَّبي - عَفَرًا: خالط بياضه حُمرةٌ فصار لونه كالعفِر، فهو أعفر. وهي عفراء ج عُفرٌ.
(٣) الفدام: خرقة توضع على فم الإبريق ليصفى بها.
(٤) الخورنق والسدير: باني الخورنق والسديد النعمان الأول (المناذرة) في الحيرة.
(٥) مدحوس: دحس الشيء، ملأه فالشيء مدحوم، أو لعلها مدخوس: من الدخس، وهو الإكتناز.
(٦) مطسوس: طعنة طاسة: طعنة تبلغ الجوف.
(٧) الفاعوس: الحية. طبقات الشعراء/ ٨٥.
(٨) قباء الحشا: دقيقة الخصر. والحضر: اسم من احضر الفرس أي عدا شديدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>