للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيفهم من هذا الرجز أن باهلة ممن حالفت نُمَيْرًا. بل هناك ما هو أوضح من هذا ففي يوم جبلة انضمت باهلة إلى بني عامر، وفيهم بنو نمير، كما انضمت قبائل بجيلة (١).

وليس بين يدي الباحث ما يتمكن بواسطته من معرفة انحلال الرابطة القبلية في قبيلة باهلة، ولا شك أن من هذه القبيلة طوائف نزحت أثناء الفتوحات الإسلامية، فاستقر بعضها في البصرة، وبعضها في سامراء في العراق، ونزح بعض فروعها إلى الموصل، وإلى مصر، بل منها من انتقل إلى الأندلس، كما أشار ابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" إلى أن قضاة جيان من هذه القبيلة.

ولا شك أن محافظة القبيلة على اسمها القديم يدل على تماسك كيانها وليس من المستبعد أيضًا أن يكون إخوتها بنو غَنِيٍّ قد اندمجوا فيها، فشمل الجميع اسم باهلة الذي استمسكت به، وحافظت عليه الفروع الباقية في نجد من هذه القبيلة، ولكن ليس معنى هذا أن ذلك التماسك استمر إلى العصور الأخيرة، فالتمزق بدأ في هذه القبيلة قبل الإسلام، حيث نجد بني أمامة منهم سَدَنة ذي الخَلَصة في تَبَالة - ويفد وافدهم على الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من بِيْشَة فيكتب له ولقومه بأن لهم ما أحْيَوا في تلك البلاد، ثم نجد في خبر المنتشر -وهو جاهلي- أن باهلة التجأت إلى سيد بني عُقَيْل بن خويلد فأجارها، ومعنى هذا أن منها فروعًا انتقلت إلى بلاد بني عُقَيْل التي تقرب من بلادهم كالْعَقِيق (وادي الدواسر).

ثم نجد من المتناقل عند أهل العصر أن هذه القبيلة كانت تسكن في العصور الأخيرة بلدة (لُغَاط) ثم انتقلت إلى الْمِذْنَب في القصيم، ومن القصيم انتقلت إلى الأثْلة ونَفْي، وقد يكون بقي منها من استقر بقرب بلاد المذنب حيث لا يزال أناس منهم يستقرون في بلدة المُرَبَّع.

ومعلوم أن تفرق القبيلة وتباعد منازلها يسبب التقاطع حيث تجهل الوشائج التي تربط بين فروعها، وهذا يفسر لنا أن كثيرًا من فروع باهلة الحديثة -وإن حافظت على الانتساب إلى القبيلة- بل كانت تعتز -بذلك- لا تدرك صلات النسب التي تربط بعضها ببعض، وإنما تلتقي بالنسبة الأولى (الباهلي) لعل هذا


(١) "نهاية الأرب في فنون الأدب": ١٥/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>