ومنها:
أيها الرائح بالشام على … قلَقٍ السيرُ كهبّات الصَّبا
أوكسهم طار عن مَحنيِّةٍ … ذات زورين إذا ما ركبا
قل لمن كان لمأذون القضا … ولأحداث الليالي سببا
والذي أوقد نيران الغضا … زد على نارك يا ذا حَطَبَا
واستلب ما شئت عمدًا فعسى … عن قريب أن تحط السلبا
إن يكن سرَّكَ ماسا فعسى … كي ترى من بعد هذا عجبا
إن ظننت الدهر يومًا واحدا … فلقد حاولتَ أمرًا كذبًا
ربَّ صدعٍ كان أعيى شعبُهُ … أدركته رحمةٌ فانشعبا
فلما بلغ الشريف بركات أمر الذروي، أمر بفدائه بمائة ألف ناقة.
ثم أطلق الذروي، غير أن المصدر لا ينص صراحة على قبول الفداء، وذكر أن أحمد الغساني أقسم ألا يخرجه من الحبس حتى ينشعب هذا الصدع وأشار إلى صدع في الصخر، وإن الذروي بعد أن أنشأ قصيدته التي مرت معنا أرسل اللَّه المطر فأصبح الصدع وقد انشعب! فأطلقه وأحسن إليه.
ونلمح من قصيدة الذروية بيتًا وكأنه يعرض بهذا الخبر إذ يقول:
ربَّ صدعٍ كان أعيى شعبه … أدركته رحمة فانشعبا
على أننا لا نريد أن تمر بأريحية الشريف بركات دون أن نذكر الفضل لأهله، فإن فداءه الذروي بمائة ألف ناقة لهو ذروة الوفاء، مائة ألف ناقة؟! إن هذا الرقم قد لا تفي به كل واردات الحجاز آنذاك، فإذا بركات يقدمه بطيب خاطر فداء لصديق وقف معه ضد أحمد الغساني، وبسبب هذا الموقف سجن، إذًا فالشريف يرى نفسه شريكًا في تسبيب الأذى للذروي؛ ولذا فإن عليه فداءه.
وفي سيرة محمد بن بركات نجد العصامي (١) يعدد حروبه ومن فتك بهم من الخارجين، فيقول:
(١) السمط: ٤/ ٢٧٨. ومحمد هنا ابن بركات بن حسن بن عجلان، وعجلان أول من ضم مقاطعات من اليمن إلى الحجاز.