لم تكن عادة السلخ محصورة في ربيعة اليمن، بل كانت فاشية في أكثر قبائل تهامة عسير، ولكن الحكومة الحاضرة قضت عليها وشددت النكير على مرتكبيها فلم يبق من آثارها إلا القليل الزائل مما لا يتصل خبره بالحكومة.
وقد شرح لي بعض من شهد حفلة الختان عند ربيعة مراسم إجرائها، فرأيت تدوينها فيما يلي:
عبد الختان من أعظم الأعياد والمواسم، ونظرًا للأخطار التي يتعرض لها المختتن فإن كثيرين يؤخرون ختانهم سنوات كثيرة قد تصل إلى العشرين أو أكثر، ولا يجوز ختان من لم يكن بالغًا، ويعين للشبان الطالبين موعد الختان ومكانه، ويدعى إليه سائر القوم رجالا ونساء، وتنحر الأبقار والأغنام من ضأن وماعز بهذه المناسبة. وذكر لي أنه حدثت وقائع ختان كان الأولاد يحضرون فيها ختان أبيهم مما يدل على أهمية الحادث والتخوف منه. لأنه في الحقيقة ضرب من الوحشية الخطرة التي تتطلب الشيء العظيم من الشجاعة والجلد والصبر على الآلام، وتفضي إلى الموت أحيانًا كثيرة.
يقف الشاب الذي ينوي الاختتان فوق دكة مرتفعة في محضر النساء لا سيما الأبكار الراغبات في الزواج، ولا يكون على الشاب من الثياب ما يستتر به، بل تكون عورته بارزة من غير حياء ولا خجل. إنها وقفة جبارة تمثل لنا عهد الأبطال الخرافيين أمثال "أبوللو" و"هرقل"، يقف الشاب متكئًا بيده اليسرى على رمح قصير يتخذه عكازًا يستند إليه عند شدة الألم، ويحمل بيده اليمنى جنبية كبيرة يسميها قوم ربيعة "ذريعة" أو "مغيرة"، ويرفع الشاب رأسه مناديًا معتريا، بينما سكين الجراح تعمل في جلده تقطعه شريحة إثر أخرى. هذا مقام يتبارى فيه الأشداء، فمن اختلج أو صاح أو بكى أصابته سبة من العار إلى الأبد، ومن اختلجت أطرافه أو ظهرت عليه علائم الخور والضعف، فهو جبان رعديد لا كرامة له بين الناس، وليس هو بالبطل الذي يستهوي قلب المرأة فتعتبر اتخاذه بعلا لها من دواعي فخرها. ومن شدة إيغالهم في اختبار جلد الشاب قد يذرون رملا ناعمًا فوق رجله، فإن ثبت الرمل عليها اعترف ببطولته، وإن اهتز أو