(١٠) مقابل، وهي القرية الوحيدة القائمة على الجانب الغربي للوادي. وقد كان فيها مسكن متصرف عسير سليمان شفيق باشا ثم محيي الدين باشا، وكان يصلها بأبها جسر حديث قد تهدم الآن وهجر.
كانت أبها مدينة زاهية بسبب كونها مركزا للحكم العثماني في السراة ومقرا للفرقة العسكرية، ولكنها منيت بنكبات كثيرة ألحقت بها أفدح الضرر وأخرتها إلى الوراء سنين طويلة.
أما النكبة الأولى فقد أصابتها عام ١٩١٠ م - ١٣٢٨ هـ حينما ثار السيد محمد علي الإدريسي حاكم تهامة على حكم الدولة العثمانية وأنفذ ابن عمه السيد مصطفى الغربي الإدريسي لحصارها، فشدد عليها الحصار حوالي ثمانية أشهر، إلى أن وصلت النجدات من الحجاز بقيادة الشريف حسين أمير مكة لذلك العهد، فإنه وصل إليها في أواسط رجب ١٣٢٩ هـ.
وكانت قوات الإدريسي محاصرة لها منذ ذي القعدة ١٣٢٨ هـ (١٩١٠ م) ومع أن الحصار دام طويلا، فقد اقتصر الأمر على الغلاء، نتيجة فقد المواد الغذائية دون أن يلحق بالمدينة تدميرًا أو تخريب.
والنكبة الثانية أصابتها أيام الحرب الكبرى حين ظل محيي الدين باشا متصرفا لعسير بعد انتقاض الشريف حسين على الأتراك وانقطاع المواصلات بين عسير والبلاد العثمانية، فعمل محيي الدين جهده لتخفيف ويلات الحرب والحصار المضروب عليه، فعامل الناس بالحسنى وقرب القلوب إليه، فانضوى جميع أهل عسير تحت لوائه، وكانوا عدته في الشدائد والأهوال التي مرت به، وقد أجرى لهم طائفة من الإصلاحات العمرانية وبني في البلاد قلاعًا وأبراجًا كثيرة لتشغيل اليد العاملة، غير أن نطاق الأعمال كان ضيقًا، والغلاء كان فاحشًا.