للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخلافة. ومنذ ذلك الوقت بدأت هجرة قيس الكبرى إلى مصر، فما زالوا ينتقلون إليها ويتكاثرون بها حتى بلغوا في حوالي نصف القرن (١٠٩ - ١٥٤ هـ) خمسة آلاف نسمة، فقد قدم منهم أول الأمر سنة ١٠٩ هـ أربعمائة أهل بيت لم يلبثوا أن بلغوا في سنة ١٢٥ هـ - سنة موت هشام - ألفا وخمسمائة. وكان تولى الأمير القيسي؛ الحوثرة بن سهيل الباهلي (١٢٨ - ١٣١ هـ) فرصة جديدة لتدفق القيسية حتى أنهم تضاعفوا في هذه الفترة القصيرة فأصبحوا وقت موت مروان الحمار (١٣٢ هـ) ثلاثة آلاف. ولم يتوقف نموهم عند هذا الحد، فإنهم قد "توالدوا وقدم عليهم من البادية من قدم" فإذا بهم بعد حوالي جيل - في ولاية محمد بن سعيد صاحب خراج مصر ما بين ١٤٢ و ١٥٢ هـ - قد قاربوا الضعف من جديد، فكانوا صغيرهم وكبيرهم وكل من جمعت الدار منهم خمسة آلاف (١). وليس لنا أن نشك في معدل الزيادة هذا إذا وضعنا في اعتبارنا نظرية مالتوس التي تقول بزيادة عدد السكان وفق متوالية هندسية: ٢١: ٤: ٦: ٨ … إلخ مرة كل ٢٥ سنة (٢)، وإذا راعينا كذلك العلاقة الطردية بين زيادة السكان وبين ارتفاع مستوى المعيشة وهو ما حدث لهذه القبائل بما هيأ لهم ابن الحبحاب من الرخاء والانتعاش الاقتصادي عندما أمرهم باشتراء الخيول والإبل التي سهل عليهم تربيتها لجودة مرعاهم، ثم استغلوها في حمل الطعام إلى القلزم (السويس حاليا) (٣) "فكان الرجل يصيب في الشهر العشرة دنانير وأكثر وأقل" (٤) ولا شك في أنه كان لهذه الخيول أثرها في الدور الخطير الذي لم تلبث قيس أن لعبته في حياة مصر سياسيا وحربيا. فالواقع أن هجرة قيس تلك إلى مصر وإقامتها بمنطقة الحوف كانت بداية مرحلة جديدة من مراحل حياتها هناك غلب عليها طابع العنف على نحو ما سنرى.


(١) مراحل هذه الهجرة مذكورة في الولاة ص ٧٦ - ٧٧ والبيان ص ٥١.
(٢) مصطفى كمال فريد: أصول المذاهب الاقتصادية ص ٨٢ وصلاح العبد: مبادئ علم الاجتماع ص ٣٦.
(٣) Ame.p.٢٢٧.
(٤) الولاة ص ٧٧ والبيان ص ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>