للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية كان عبدا من عباد اللَّه أكرمه اللَّه واستخلفه وخوله ومكن له فعاش بقدر ومات بأجل، فرحمه اللَّه فقد عاش محمودا ومات برا تقيا والسلام.

ثم أضاف: أما بعد فخذ حسينا وعبد اللَّه بن عمر وعبد اللَّه بن الزبير بالبيعة أخذا شديدًا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام.

فلما قرأ الوليد للحسين الكتاب ونعى إليه معاوية، قال الحسين: إنا للَّه وإنا إليه راجعون ورحم اللَّه معاوية. أما البيعة فإن مثلي لا يعطى بيعته سرا ولا أراك تقنع بها مني سرا.

قال: أجل.

فقال الحسين: فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا معهم فكان الأمر واحدًا.

وكان الحسين -رضي اللَّه عنه- قد عول على ترك المدينة إلى مكة، كما تركها قبله بليلتين عبد اللَّه بن الزبير، دون مبايعة يزيد، فخرج منها ومعه جل أهل بيته وإخوته وبنو أخيه. فلما بلغ أهل الكوفة وفاة معاوية وعلموا امتناع الحسين عن بيعة يزيد ونزوله مكة اجتمعت الشيعة وكتبوا إليه كتبا جاء فيها:

"إنه ليس علينا إمام فأقبل لعل اللَّه أن يجمعنا بك على الحق، ثم سرحوا عدة رسل بالكتب إليه، وتلاقت الرسل كلها عند الحسين فكان يقرأ الكتب ويسأل الرسل عن الناس، ولبث في مكة على هذه الحال أربعة أشهر، ثم دعا ابن عمه مسلم بن عقيل ابن أبي طالب وأمره بالمسير إلى الكوفة بالعراق.

فإن رأى الناس مجتمعين مستوثقين عجل إليه بذلك.

خرج مسلم حتى أتى المدينة، فأخذ منها دليلين، فمرا في البرية، فأصابهم عطش، فمات أحد الدليلين، فقدم الكوفة، ونزل على رجل يقال له "عوسجة" فلما علم أهل الكوفة بقدومه دنوا إليه. فبايعه منهم اثنا عشر ألفًا على ذلك، فقام رجل

<<  <  ج: ص:  >  >>