فإني لا أعلم أصحابا أوفي ولا خيرًا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم اللَّه جميعًا خيرًا، لقد بررتم وعاونتم، والقوم لا يريدون غيري أحدًا وإني لأظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا، وإني قد أذنت لكم جميعًا فانطلقوا في حل ليس عليكم مني ذمام. هذا الليل قد غشيكم فتفرقوا في سواده وانجوا بأنفسكم.
فقال له إخوته وبنو أخيه وابنا عبد اللَّه بن جعفر:
لم نفعل هذا لنبقى بعدك لا أرانا اللَّه ذلك أبدًا، بدأهم بذلك العباس بن علي وأتبعه الجماعة فتكلموا بمثله وقالوا:
معاذ اللَّه! وما نقول للناس إذا رجعنا إليهم؟ نقول تركنا سيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب بالسيف، ولا ندري ما صنعوا، لا واللَّه لا نفعل نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتل معك حتى نرد موردك. فقبح اللَّه العيش بعدك.
وقام إليه مسلمة بن عوسجة الأسدي فقال:
أنحن نتخلى ولم نعذر إلى اللَّه في أداء حقك، أما واللَّه لا أفارقك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما يثبت قائمة بيدي، ولو لم يكن معي سلاح لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك.
وتكلم أصحابه بنحو هذا.
وكان علي بن الحسين تلك العشية مريضا تمرضه عمته السيدة زينب فسمع أباه وهو في خباء له وعنده جوين مولى أبي ذر الغفاري يعالج سيفه ويصلى والحسين يقول (١):