للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبيوت عن يمينهم، وعن شمالهم ومن ورائهم، ورجع إلى مكانه فقام الليل كله يصلي ويستغفر، وقام أصحابه كذلك يصلون ويستغفرون ويدعون، وخيول حرس عدوهم تدور من ورائهم، تحرسهم حتى لا يفر أحد منهم وكأنها كان يريد القوم قتلهم كلهم، والقضاء عليهم جميعهم.

وفي صباح اليوم التالي دارت المعركة الرهيبة بين الآلاف والعشرات. .

وجعل أصحاب الحسين -رضي اللَّه عنه- يتقدمون رجلًا بعد رجل فقاتلوهم قتالا مرا، ولما استشهد أصحاب الحسين، برز شباب بني هاشم بدورهم، يدافعون عن والدهم، وعمهم وابن عمهم ونسيبهم بقلوبهم وصدورهم. وكان علي بن الحسين -رضي اللَّه عنه- من أصبح الناس وجها، وأكملهم أدبا. فتقدم للقتال قبل غيره، وهو ما يزال في التاسعة عشرة من عمره، فشد على الجيش وهو يقول:

أنا علي بن الحسين بن علي … نحن ورب البيت أولى بالنبي

تاللَّه لا يحكم فينا ابن الدَّعي (١)

فعل ذلك مرارًا، يحمل فيرتد من أمامه من شدة حملته حتى صدمه مرة بن منقذ العبدي فطعنه فصرعه، فلما رآه الحسين قال: قتل اللَّه قوما قتلوك يا بني! ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، على الدنيا بعدك العفاء.

وأقبل الحسين فقال: احملوا أخاكم. . فحملوه من مكانه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.

واندفعت من خيام النساء امرأة كأنها الشمس طالعة، تنادي في جزع:

يا أخياه! ويا ابن أخياه! وأكبت عليه. فجاءها الحسين فأخذها بيدها فردها إلى الفسطاط فسأل عنها من لا يعرفها، فقيل:

هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) مظالم آل البيت، صادق مكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>