وتتابعت قتلى بني هاشم فسقط عبد اللَّه بن مسلم بن عقيل، وعون بن عبد اللَّه ابن جعفر ومحمد بن عبد اللَّه بن جعفر، وعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، وجعفر ابن عقيل -رضي اللَّه عنهم- وجعلهم في ذمرة الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.
ثم خرج القاسم بن الحسن بن علي وبيده السيف، وهو غلام كأن وجهه شقة القمر، فحمل عليه عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي فضرب رأسه بالسيف، فسقط القاسم إلى الأرض لوجهه وهو يقول:
يا عماه!
فانقض الحسين عليه كالصقر ثم شده شدة لبث أغضب، وضرب عمرًا بالسيف فاتقاه بالساعد فقطعها من المرفق.
وحملت خيل القوم ليستنقذوا عمرًا فاستقبلته بصدورها وجالت عليه بفرسانها فوطئته حتى مات وانجلت الغبرة والحسين واقف على رأس القاسم، وهو يفحص برجليه، والحسين يقول:
بعدا لقوم قتلوك، ومَنْ خصمهم يوم القيامة فيك جدك المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ثم قال:
أعز واللَّه على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك!
ثم احتمله على صدره حتى ألقاه مع ابنه علي ومن قتل معه من أهل بيته.
رجع الحسين إلى فسطاطه. فتقدم إليه شمَّر بن ذي الجوشن برجاله، وهو يحرضهم عليه، وأقبل إلى الحسين بن عبد اللَّه بن الحسن بن علي وهو غلام لم يراهق فقام إلى جنبه وقد أهوى بحر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال الغلام: