للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلت، اللهم خذ لنا بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا، فواللَّه يا يزيد ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك، ولتردن على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بما تحملت من دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع اللَّه شملهم ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم.

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} (آل عمران).

وحسبك باللَّه حاكمًا وبمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- خصيما وبجبريل ظهيرا (١). وسيعلم من سول لك وأمكنك من رقاب المسلمين -بئس للظالمين بدلا- أيكم شر مكانا وأضعف جندا، ولئن جرت على الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك وأستكثر توبيخك، لكن العيون عبري، والصدور حرَّى، ألا فالعجب كل العجب لقتلى حزب اللَّه النجباء، بحزب الشيطان المطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل (الذئاب)، وتعفرها أمهات الفراءل (الضباع)، ولئن اتخذتنا مغنا لتجدنا وشيكا مغرما، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد وإلى اللَّه المشتكى وعليه المعول، فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فواللَّه لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا تدحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند (كذب)، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بهدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة اللَّه على الظالمين، فالحمد للَّه رب العالمين الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، نسأل اللَّه أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود وحسبنا اللَّه ونعم الوكيل".

لم يستطع يزيد مع ما هو عليه من سلطان وملك وهيبة يخشاها أكثر الناس، أن يقاطع كلام السيدة زينب، أو يمنعها من الاستمرار فيه، مع أنه من لاذع القول، رغم وجودها في ذلة الأسر دامية القلب دامعة العين مما مر بها من أحداث جسام.


(١) راجع المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>