وأراد يزيد بن معاوية أن يخرج من هذا المأزق الذي وقع فيه والحرج الشديد الذي أصابه من افتضاح حقيقة أمره، فلم يستطع أن ينطق بغير هذه الكلمة:
يا صيحة تحمد من صوائح … ما أهون النوح على النوائح
وأراد يزيد أن يُكفِّر ولو بعض الشيء عن سوء صنيعه وشنيع فعلته، فعرض على السيدة زينب الأموال الكثيرة التي نهبت منها وكذلك غيرها لتأخذها عوضًا عن الحسين -رضي اللَّه عنه- وأنصاره فقالت:
يا يزيد ما أقسى قلبك، تقتل أخي وتعطيني المال، واللَّه لا كان ذلك أبدًا.
وأمر يزيد النعمان بن بشير أن يجهزهم يا يصلحهم في رحلتهم إلى المدينة المنورة وأن يصحبهم في ركبهم إليها، فخرج ومعه رجاله ومنهم بشر بن حذام، فأحسنوا الصحبة طوال الطريق إلى المدينة، وكان بشر محبًا للَّه ولرسوله ولآل البيت النبوي الكريم، على خوف من بني أمية وكان لسان حاله يقول:
أحب الحسين ولكنما … لساني عليه وقلبي معه
حبست لساني عن مدحه … ضرار أمية أن تقطعه
إذا الفتنة اضطرمت في البلاد … ورمت النجاة فكن إمعه
ولما بلغوا مشارف المدينة المنورة قالت فاطمة بنت علي لأختها زينب:
يا أخية، لقد أحسن هذا الرجل إلينا في صحبتنا فهل لك أن نصله؟
أجابت السيدة زينب:
واللَّه ما معنا شيء نصله إلا حلينا.
وأخرجتا سوارين لها ودملجين، فبعثتا به إلى الرجل، معتذرتين إليه عن ضآلة الهدية ولكن الرجل رد إليهما الحلي قائلًا: