للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو كان الذي صنعت إنها هو للدنيا كان حليكن ما يرضيني ودونه، ولكن واللَّه ما فعلته إلا للَّه، ولقرابتكم من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

تولى على المدينة ذهول عميق، وروعة عظيمة، عندما سمعت بشر بن حذام يرفع صوته بالبكاء وينشد قائلًا:

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها … قُتِل الحسين فادمعي مدرارا

الجسم منه بكربلاء مضرج … والرأس منه على القناة يدارا

ثم نادي: هذا علي بن الحسين مع عماته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم، وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه.

أترجو أمة قتلت حسينا … شفاعة جده يوم الحساب

فخرج الجميع رجالًا ونساء ولم ير أكثر من ذلك اليوم باكيًا أو باكية وهم يستقبلون ذلك الركب الكريم.

واندفعت زينب بنت عَقِيل بن أبي طالب، ومعها نساؤها وهي حاسرة تلوي بثوبها وتصرخ:

ماذا تقولون إن قال النبي لكم … ماذا فعلتم، وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي … منهم أساري، ومنهم ضرجوا بدم

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم … أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

ولما سمع والي المدينة عمرو بن سعد (١) أصواتهم وصعد المنبر فأعلم الناس بمقتل الحسين -رضي اللَّه عنه-.

ولما بلغ عبد اللَّه بن جعفر قتل ابنيه، استرجع، فدخل عليه أحد مواليه والناس يعزونه فقال له:


(١) قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعد بعد ذلك قتلة فظيعة "أهل البيت للشرقاوي".

<<  <  ج: ص:  >  >>