للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالباب رجلًا خراسانيا (١)، فأذن له فدخل، فسقط على رجليه وقبلهما وسأله عن دينه، فأخبره: بكميته، فأخرج من جيبه كيسا بقدر ذلك الدين من غير زيادة ولا نقصان.

ومنها - أنه طاب ثراه لما عاد من الهند وكان في بندر جدة متهيئا للخروج إلى المدينة جاءه العشار وقال: باق لنا عندك مائة أشرفي بل أزيد؟ فقال: ليس لك شيء فتكلم العشار وقال: لابد من إعطائي ذلك؟ فقال: أدعو اللَّه سبحانه وتعالى أن يسلط عليك جور السلطان فلم يمض إلا مدة يسيرة وقد ظهر أن المعشر المذكور سرق بساطا كبيرًا لشريف مكة وقطعه قطعا، فأمر الشريف بتقطيع يديه كما قطع البساط، فحصل فيه شفاعة فخسر مالًا عظيمًا.

ومنها أنهـ -طاب ثراه- كان بحضرموت في بلدة يقال لها ظفار (٢)، وبها رجل يؤذيه ويريد السعي به إلى سلطانها، وكان ظالمًا ينهب التجار، إذا جاءوا إلى بلدة، جميع أموالهم فلما سمع بمجيئه ولم يره أرسل إلى واليه بالتوصية وعدم التعدي عليه وأمر له بسفينة يركبها إلى مكة فدعا عند ذلك على الذي كان يؤذيه وقال له: لا أقر اللَّه للبعيد عينا بولده، وكان له ولد مسافر، فلما أصبح جاءه الخبر بغرق ولده فحصل له فيه اعتقاد تام.

ومنها -أنه طاب ثراه- سعى به رجل إلى حاكم بالمدينة رومي (٣) ظالم، فقال: إن هذا السيد جاء من عند نظام شاه بمال جزيل صدقة للعباد، ومعي بذلك خط قاسم بيك من أعيان تلك البلاد، فسأل جدي: فأنكر ذلك، فأمر الحاكم طمعًا بحبس النمام قائلًا أجمع قضاة البلد والأكابر وأراجع النظر وأفحص عن حقيقة الخبر، فراقب المحبوس الفرصة ومال إلى النكصة فهرب ولزم شباك رسول اللَّه


(١) خراسان إقليم شمال شرق إيران (بلاد فارس).
(٢) ظفار كانت في عهد المؤلف إقليم تابع لبلاد حضرموت، وانضم إلى سلطنة عُمان من مدة كبيرة في عهد الدولة العثمانية.
(٣) يقصد (تركي) لأن العرب كانوا يطلقون عليهم اسم الروم رغم أنهم مسلمون لأن هضبة الأناضول كانت من بلاد الروم (الدولة البيزنطية) قبل أن يسكنها الأتراك وآل عثمان وقد سميت تركيا فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>