وبعد أن اطلعت اللجنة على إجابة سابقة لعدة أسئلة في الموضوع نفسه رأت أنها تصلح أن تكون جواباً عن الاستفتاء المعروض عليها، وهذا نص الجواب:
وردت بعض الأحاديث الصحيحة التي تدل على أن الجن قد يتسلطون على ضعاف الناس، ويسببون لهم أحوالاً مَرَضيّة لا يجدي فيها العلاج الطبي، وورد أن بعض هذه الحالات عولجت بتقوية نفس المصاب، وذلك بالتعوذ والأدعية وزجر الجني المتسلط عليه، ولا يقوى على ذلك إلا من كان قوي الإيمان والعزيمة، حتى يكون سلطانه على الأنفس الشريرة أقوى من سلطانها، فإذا تخلص المصاب مما كان يعانيه دل ذلك على جدوى العلاج.
هذا وإن درجة هذه الأحاديث تصلح للأخذ بها عملاً، ولم تصل إلى درجة أن يبنى عليها اعتقاد، والجن -كالإنس- فيهم الصالحون وفيهم المفسدون؛ وذلك بنصّ القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة الجن:{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا}[الجن: ١١]، وقوله أيضاً:{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ}[الجن: ١٤]، ومعنى القاسطين: الجائرون.
أما ما ينشأ عن تسلط الجن فهو الصرع في بعض حالاته وكذلك بعض الأمراض النفسية والوسوسة والاضطراب في التصرفات المعاشية، وإن كثرة ميل الجن للتسلط على النساء (كما تدل على ذلك الوقائع وليس على ذلك دليل شرعي) ربما كان من غلبة العاطفة، وقلة التقوى في بعضهن.
وإذا أصيب الإنسان بمرض أو خلل في جسمه أو عقله فإن السبيل التي دعت إليها الشريعة هي الرجوع إلى المختصين من الأطباء، فإذا لم يجد العلاج فإن من المحتمل أن يكون سبب الإصابة أو المرض غير عضوي، فيضم إليه العلاج الروحي؛ من مثل الأدعية والأذكار، وتقوية نفس المصاب، والتغلب على تسلط