للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[مستند الفتوى]

لمّا كانت الفتوى توقيعاً عن ربِّ العالمين، وإخباراً عن أحكام الله تعالى في أفعال المكلَّفين؛ كان لا بدّ أن يكون لها مستندٌ يدلُّ على صحّتها، ويشهد لانضباطها، وأنّها من عند الله تبارك وتعالى، لا بمجرَّد الظَّنِّ والهوى؛ وذلك لأنّ الله سبحانه إنّما تعبّد عباده باتِّباع ما جاءهم من عنده في محكم كتابه، أو على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ كما قال عزّ وجلّ: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (١).

قال ابنُ كثيرٍ رحمه الله: «أي: لا تخرجوا عمّا جاءكم به الرسول إلى غيره؛ فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره» (٢).

كما نهى الله تعالى عن القول عليه بغير علم؛ بل جعله من أعظم المحرَّمات؛ فقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٣).

قال ابنُ القيّم رحمه الله: «فرُتَبُ المحرَّماتِ أربعَ مراتب، وبدأ بأسهلها؛ وهو الفواحش، ثمّ ثنّى بما هو أشدُّ تحريماً منه؛ وهو الإثم والظلم، ثمّ ثلّث بما هو أعظم تحريماً منهما؛ وهو الشِّرك به سبحانه، ثمّ ربَّع بما هو أشدُّ تحريماً من ذلك كلِّه؛ وهو القول عليه بلا علمٍ، وهذا يعمُّ القول عليه سبحانه بلا علمٍ في أسمائِه


(١) سورة الأعراف: ٣.
(٢) «تفسير القرآن العظيم» (٣/ ٣٨٧).
(٣) سورة الأعراف: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>