للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المقدّمة

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ وَليُّ الصالحين، وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُهُ ورسولُهُ الأمين، أرسلَه الله هدى ورَحمةً للعالمين، صلَّى الله عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سارَ على هدْيهِم واقتفَى أثرَهُم إلى يوم الدِّين، أمَّا بعدُ:

فلا يخفَى على كُلِّ ذي لُبٍّ وعقلٍ سليمٍ ما لِمنصِبِ الإفتاءِ من شرفٍ عظيمٍ، وفضلٍ كبيرٍ؛ لأن المفتيَ وارثُ تَرِكَةِ الأنبياءِ والمرسلينَ، ومُوَقِّعٌ عن ربِّ العالمينَ، بل إنَّ من عظيمِ شرَفِ الإفتاءِ أنَّ الله تعالى نسبَهُ إلى نفسِهِ؛ فقالَ في مُحكَمِ التَّنزيلِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} (١).

يقولُ ابنُ الصَّلاحِ رحمهُ الله: «للعُلماءِ خِصِّيصةٌ فاقوا بها سائرَ الأُمَّةِ، وما هُمْ بصدَدِهِ منْ أمرِ الفَتوى يُوضِّحُ تحقُّقَهُم بذلكَ للمستوضِحِ؛ ولذلكَ قيلَ في الفُتيا: إنَّها توقيعٌ عنِ الله تباركَ وتعالَى» (٢).

وقال الشاطبيُّ رحمهُ الله: «فالمُفتي مُخبِرٌ عنِ الله كالنَّبيِّ، وموقعٌ للشَّريعةِ على أفعالِ المكلَّفينَ بحسبِ نَظَرِهِ كالنَّبيِّ، ونافذٌ أمرُهُ في الأُمَّةِ بمَنشورِ الخِلافَةِ كالنَّبيِّ، ولذلكَ سُمُّوا أُولي الأَمرِ، وقُرِنتْ طاعتُهُم بطاعَةِ الله ورَسولِهِ ... » (٣).


(١) النساء: ١٧٦.
(٢) «أدب المفتي والمستفتي» (ص ٧٢).
(٣) «الموافقات» (٤/ ٢٤٤ - ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>