للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[شروط المفتي]

لمّا كان المفتي مُبلِّغًا عن الله تعالى، ومجتهدًا في الوصول إلى حكم الله في واقعةٍ أو نازلةٍ معيَّنة؛ كان لا بدّ من الحديث عن شروطِه، وما يجب أن يتوفّرَ مِن صفاتِهِ ونعوتِهِ اللّازمة.

والمفتي مجتهِدٌ في الاستدلال بالأدلّة الشرعيّة، واستنباط الأحكام منها، وليس ذكرُ بعض الأصوليّين في تعريف المفتي بأنّهُ المجتهد ... تسويةً بينهما في المنزلة والأهمّيّة، بل إنّ الاجتهاد شرطٌ من الشّروط الواجب توفُّرُها عند المفتي (١)، ولذلك اعتبر بعض الأصوليين مقام الفتوى أشدّ وأغلظ من مقام الاجتهاد (٢).

والمقصودُ في هذا المقام الوقوفُ على ما اشترطه العلماءُ من شروط فيمَن تصدّر لهذا المنصب العظيم، لِئَلّا يتسنَّمه كلُّ أحدٍ، فَيُسْأَل مَن ليس أهلاً؛ فَيَضِلّ السّائلُ والمسؤولُ.

والحديثُ عن الشروط هنا حديثٌ عمّن يصلح أن يكون مفتيًا، لا عمّن تجبُ عليه الفتوى، إذ لهذا الأخيرِ أحوالٌ مختلفةٌ تجب الفتوى بوجود مقتضياتِها وأسبابِها.

وقبل الحديث عن الشّروط الّتي اشترطها العلماء في المفتي، لا بدّ من ذكر الشّروط المتّفق على عدم اشتراطِها فيه؛ وهي: الحريّة، والذكوريّة، والنّطق؛


(١) أورد ابن النجّار في «شرح الكوكب المنير» خلاف العلماء في اشتراط الاجتهاد في المفتي، ووضّح معنى الاجتهاد عند بعضهم، وأنواع المجتهدين من المفتين؛ فليراجع هناك (٤/ ٥٥٧). وسيأتي الكلام بعد صفحات على مراتب المفتين وأنواعهم.
(٢) انظر: «قواطع الأدلة» للسمعاني (٢/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>