للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فتصحّ فتوى العبد، والمرأة، والأخرس؛ إن أفتى السائلَ بالإشارة المفهومة، أو الكتابة الواضحة، وكلِّ ما يقوم مقام النّطق إن كان صحيحًا معتبرًا (١).

وأمّا الشّروط المعتبرة الّتي يجب أن تتوفَّر؛ فهي:

أوّلاً: أن يكون مسلمًا؛ وهذا الشّرط لا خلاف فيه عند العلماء، فإنّ الكافر غيرُ مؤتَمن على الدِّين، فضلاً عن الإفتاء فيه؛ فإنّ كفرَهُ يجرِّئُه على الكذب والافتراء فيه.

وممّا يدلّ على ذلك قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (٢).

فبيَّن الله تعالى أنّ الكافر يتمنَّى ضلال الناس مثله وكفرهم؛ فكيف يؤتمن على الدِّين؛ قال الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسير هذه الآية: «فقد كانوا (أي الكفار) جبهةَ تضليل النّاس، وتحريفٍ للكتاب، وتلبيسٍ للحقِّ بالباطل؛ كلُّ ذلك عن قصدٍ وعِلْمٍ؛ بدافعِ الحَسَد، ومناصبةِ العداء. وخصمٌ هذا حالُهُ فلا دواءَ له؛ لأن المدلِّس لا يؤمَنُ جانبه، والمضلِّلَ لا يصدَّق، والحاسدَ لا يشفيه إلّا زوال النّعمة عن المحسود» (٣).

ثانيًا: أن يكون مكلَّفًا؛ فلا تصحّ فتيا الصّبيّ والمجنون؛ أمّا الصّبيُّ فلأنّه ناقصُ الأهليّة، غيرُ مؤتَمن، ويأمَنُ غالبًا مِن عقوبة الله تعالى؛ فلا يُستبعدُ منه الكذبُ أو التّدليس.


(١) انظر: «المجموع» (١/ ٧٥)، و «روضة الطالبين» للنووي (٣/ ٢٩٧)، و «إعلام الموقّعين» لابن القيّم (٤/ ٢٢٠)، و «صفه الفتوى» لابن حمدان (ص ١٣).
(٢) البقرة: ١٠٩.
(٣) «أضواء البيان» (٨/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>