لما كانت الفتاوى محلَّ الاختصار في هذا الكتاب صادرة عن اجتهاد وتشاور جماعي من قبل أعضاء هيئة الفتوى ولجانها؛ كان من المناسب الحديثُ عن مفهومِ الاجتهادِ الجماعي، وبيانِ مشروعيَّته، وأهميَّتِه ومميِّزاتِه، لا سيَّما وأنَّ الاهتمامَ بهذا النوع من الاجتهاد آخذ بالتزايد والتنامي من خلال تأسيس المجامع الفقهيّة والهيئات الشرعيّة المختلفة؛ فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: معنى الاجتهاد الجماعيّ:
يُعرَّف الاجتهاد الجماعيُّ بأنَّه: استفراغُ جَمْعٍ من الفقهاء جُهدَهم لتحصيل حُكم شرعيٍّ بطريق الاستنباط، واتِّفاقهم جميعاً أو أغلبهم على الحُكْم بعد التشاور (١).
ونلحظ من التعريف أنّ الاجتهاد الجماعيَّ لا يُصْدُق عليه هذا الوصف إلّا بتحقّق جملة من الشروط:
الأوَّل: أنْ يكون الاجتهاد من جماعة من الفقهاء المشهود لهم بالفقه والعلم، ولهم باع في الاجتهاد والإفتاء.
الثَّاني: أنْ يكون اجتهادهم ناشئاً عن تشاور، ونظر، ومناقشة لمجموع الآراء المطروحة بينهم.
(١) هذا التعريف مستفاد من تعريف الدكتور عبد المجيد السوسوة الشرفي في كتابه: «الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي» (ص ٤٦). وانظر تعريفات أخرى في بحث: «تنظيم الاجتهاد الجماعي في العالم الإسلامي» للدكتور ماهر حولي (ص ٤ - ٦)، منشور ضمن مجلة الجامعة الإسلامية بغزة - فلسطين، (سلسلة الدراسات الإسلامية)، العدد ٢، ٢٠٠٩.