من المستحسن - ويصبح واجباً إذا أمر به ولي الأمر- أن يعرض الخاطبان نفسيهما على طبيب لإجراء الفحص الطبي والتحاليل اللازمة لمعرفة مدى خلوّهما من الأمراض، وذلك استدامة للحياة الزوجية بينهما، وسلامة صحتهما، وسلامة نسلهما، وهي مطالب شرعية معتبرة، فإذا ظهر في هذا الفحص إصابة أحدهما أو كلَيْهما بمرض ما، فإن كان هذا المرض من الأمراض غير المُعْدِيَة أو المُعْدِيَة التي لا تتعدّى الزوجية إلى النسل أو السلامة العامة، فإن على الطبيب والمأذون والقاضي والوالي ومن له الأمر أن يُبصِّر كلاًّ من الزوجين العاقلين البالغين بنتائج هذا المرض وأبعاده، فإذا عزما على الزواج مع ذلك أمضى الزواج، لأن الضرر في هذه الأحوال محصور بهما ولا يتعدَّى إلى غيرهما، أما الأمراض المعدية للنسل أو الخطيرة على السلامة العامة للمجتمع فلا يجوز لأحد من الزوجين أو الولي أو المأذون أو القاضي أو الطبيب أو أي من أُولي الأمر الموافقة عليه؛ لما فيه من الضرر المتعدي لحدود الزوجية، وعلى هؤلاء جميعاً منعه بالوسائل المتاحة لهم كلٌّ قدر إمكانه، إلا أن الخاطبين إذا عقدا الزواج مع ذلك بشروطه الشرعية فلا مفرَّ من الاعتراف به شرعاً وبخاصة إذا ظهر حمل، إلّا أنه يمكن في هذه الحالة معاقبة الزوجين ومن وافق على هذا العقد تعزيراً بما يناسب ما لهما، ويردع غيرهما عن مثله، بل إن الواجب ذلك حماية للمصالح العامة. والله أعلم. ...