للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد يكون الإفتاء مستحبّاً؛ وذلك إذا كان المفتي أهلاً للفتيا، وكان في البلد غيره (١).

ثانياً: حكم الاستفتاء:

أما الاستفتاء فكذلك حكمه الوجوب في حقِّ العامِّي الذي نزل به أمرٌ أو حادثة لا يعلم حكمها، فإنه يجب عليه أن يستفتي عنها من يثق به من العلماء؛ لأنَّ الله تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، ولأنّه يجب عليه العمل حسب حكم الشرع، ولا يتأتّى له ذلك إلّا بسؤال العلماء، ولأنّه لو عمل دون علم فقد يقع في الحرام، أو يترك في العبادة ما لا بد منه (٣).

يقول الغزاليُّ رحمه الله: «العامِّيُّ يجب عليه الاستفتاء واتّباع العلماء» (٤).

وقال أيضاً: «إنّ الإجماع منعقد على أن العامِّيَّ مكلَّف بالأحكام، وتكليفه طلب رتبة الاجتهاد محال؛ لأنّه يؤدّي إلى أن ينقطع الحرث والنسل، وتتعطّل الحِرَفُ والصنائع، ويؤدّي إلى خراب الدنيا لو اشتغل الناس بجملتهم بطلب العلم، وذلك يردُّ العلماء إلى طلب المعايش، ويؤدّي إلى اندراس العلم، بل إلى إهلاك العلماء وخراب العالم، وإذا استحال هذا لم يبق إلّا سؤال العلماء» (٥).

ويقول النوويُّ رحمه الله: «فصل في آداب المستفتي وصفته وأحكامه ... ثمّ قال: ويجب عليه الاستفتاء إذا نزلت به حادثة، يجب عليه علم حكمها، فإن لم


(١) انظر: «شرح الكوكب» المنير لابن النجّار (٤/ ٥٨٣).
(٢) الأنبياء: ٧.
(٣) انظر: «الموسوعة الفقهيّة» (٣٢/ ٤٦).
(٤) «المستصفى» (ص ٣٧٢).
(٥) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>