للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن يكون عالماً بما سُئل عنه، وإلّا لم يتعيَّن عليه الجواب؛ لما عليه من المشقّة في تحصيله.

الثالث: ألّا يكون هناك مانع يمنع من تعيُّن الجواب عليه؛ كأن تكون المسألة اجتهاديَّة لا نصَّ فيها للشارع، أو عن أمر لا منفعة فيه للسائل، أو غير ذلك (١).

وقد يكون الإفتاء حراماً، وذلك في حقِّ من لم يكن عالماً بالحكم؛ فلا يجوز له أن يفتي والحالة هذه؛ وإلّا كان متقوِّلاً على الله عزَّ وجلَّ بغير علم، وقد قال الله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٢)، فجعل الله تبارك وتعالى القول عليه بغير علم من أعظم المحرّمات التي لا تباح بحالٍ، ولهذا حصر التحريم فيها بصيغة الحصر.

وكذا يحرم على المفتي أن يفتي بغير الحقِّ الذي يعلمه، وإلّا فهو كاذب على الله تعالَى عمداً، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} (٣).

وقد يكون الإفتاء مكروهاً؛ وذلك إذا كان المفتي في حال غضب شديد، أو وَجَع مُفْرِط، أو هَمٍّ مُقْلِق، أو نعاس غالب، أو شغل قب مُسْتَوْلٍ عليه، أو حال مدافعة الأخبثين، بل متى أحسَّ من نفسه شيئاً من ذلك يخرجه عن حال اعتداله، وكمال تثبُّته وتبيُّنه؛ أمسك عن الفتوى (٤).


(١) انظر: «الموافقات» (٤/ ٣١٣)، «الموسوعة الفقهيّة» (٣٢/ ٢٣).
(٢) الأعراف: ٣٣.
(٣) الزمر: ٦٠. وانظر: «إعلام الموقّعين» لابن القيّم (٤/ ١٧٣ - ١٧٤).
(٤) انظر: المصدر السابق (٤/ ٢٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>