١ - يشترط جمهور الفقهاء أن يكون القاضي ذكراً، وقد استدل الجمهور على عدم جواز تولية المرأة بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امرَأَةً» رواه البخاري (١)، ولأن القاضي يحضر محافل الخصوم والرجال، والنساء لسن أهلاً لذلك، وقد نبّه الله تعالى إلى نسيانهن بقوله تعالى:{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}[البقرة: ٢٨٢].
وقال أبو حنيفة وأصحابه: يجوز أن تلي النساء القضاء فيما يجوز أن تقبل شهادتهنّ فيه، وحدهنّ أو مع الرجال، لأن في الشهادة معنى الولاية، ولا يجوز في الحدود والقصاص لأن شهادتهنّ لا تقبل في ذلك، وحُكي عن ابن جرير الطبري أنه أجاز تقليد المرأة القضاء مطلقاً، وعلل جواز ولايتها بجواز فتياها، وقد ذهب بعض الشافعية إلى أنه لو ولّى سلطان ذو شوكة امرأة القضاء؛ نفذ قضاؤها.
٢ - اشترطت طائفة من العلماء فيمن يتولَّى الحسبة أن يكون ذكراً، وأيده ابن العربي، وتبعه القرطبي، وقال: لأن المرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجالس، ولا أن تخالط الرجال، ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير، لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها، وإن كانت متجالة برزة؛ لم يجمعها والرجال مجلس تزدحم فيه معهم، وتكون منظرة لهم ولن يفلح قط من تصور هذا، ولا من اعتقده، واستدل على منعها من الولاية بحديث:«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُم امْرَأَةً» رواه البخاري.
وأجاز توليتها آخرون؛ لما ثبت من أن السمراء بنت نهيك الأسدية كانت تمر في الأسواق تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتنهى الناس عن ذلك بسوط معها، ويستدل على جواز ولايتها وعدمه بالخلاف الوارد في جواز توليتها الإمارة