لعن من لعنه الله تعالى في كتابه الكريم من الكفار مشروع لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}[الأحزاب: ٦٤].
إلا أن هذا لا يمنع مما أذنت فيه الشريعة من بِرِّ مَنْ لم يقاتلونا من الكفار والإقساط إليهم إذا لم يظهروا لنا العداء، يدل له قوله تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}[الممتحنة: ٨]؛ وذلك طمعاً في تأليف قلوبهم على الإسلام وترغيباً لهم في نبذ ما هم عليه من كفر وضلال بإظهار محاسن الإسلام والمسلمين.
كما لا يمنع من الدعاء للكفار أو لأفراد منهم ترجى هدايتهم بالهداية والدخول في دين الله؛ لأن في ذلك مرضاة الله ورسوله، وعزة للإسلام والمسلمين.
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة قال: جاء الطفيل بن عمرو إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن دوساً قد هلكت، عصت وأبت، فادعُ الله عليهم، فقال:«اللهمَّ اهْدِ دَوْساً وائْتِ بهم» رواه البخاري، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. رواه البخاري.
وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه دعا لبعض الأفراد فقال:«اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذَيْن الرَّجُلينِ إليكَ: بأبِي جَهْل، أو بعمرَ بنِ الخطابِ، قال: وكان أحبهما إليه عمر» أخرجه الترمذي.