للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك في العقد على وجه الاشتراط، ذلك أنّ للمسلم أن يطلّق زوجته في أي وقت شاء بعد العقد من غير نِيّة طلاقها عند الزواج، ولا يؤثر ذلك على صحة العقد؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الطلاق لمن أخذ بالساق» (١)، فلا يكون لنية الطلاق عند الزواج أي أثر على صحة العقد كذلك، إلا أن الزوج إذا طلّق زوجته من غير سبب مبرر له كان آثماً عند الله تعالى، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (٢)، ولما فيه من الإضرار غير المُبَرَّر بالزوجة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا ضرر ولا ضرار» (٣).

ثم إن الرجل إذا طلّق زوجته بعد الدخول بها سواء نوى طلاقها عند العقد أو لم ينوه يجب عليه لها كامل مهرها، ونفقة عِدّتها، وترثه إذا مات وهي في عِدّته من طلاق رجعي، كما يثبت نسب أولادها منه ما دامت في عصمته أو عِدّته بعد الفراق، وهذه القيود والأحكام كلها كافية لردع العابثين والعابثات عن الإقدام على زوجيّة لا يراد لها الاستمرار والاستقرار.

ولا بد من التذكير بأن الزواج من الزانيات والمومسات ليس من شأن المسلمين الأتقياء، وهو حرام لقوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣]، وقوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: ٢٦].

ولا يَحِلُّ الزواج من الزانية إلّا إذا تابت من الزنا؛ لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ... إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا ... } [النور: ٣ - ٥].

كما يشترط انقضاء عِدَّتها حتى لا يختلط ماؤه بماء غيره، وللتأكد من براءة الرحم فلا يُنْسَب إليه غير ولده.


(١) ابن ماجه (رقم ٢٠٨١).
(٢) أبو داود (رقم ٢١٧٨)، ابن ماجه (رقم ٢٠١٨).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>