للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعرف بصلاح الدين إضافة إلى الصلاح في التصرف بالمال. والرشد قد يصاحب البلوغ وقد يتأخر عنه، فإذا بلغ الإنسان وكان عاقلاً رشيداً ارتفعت الولاية المالية عنه وسلمت إليه أمواله، فشرط الرشد شرط خاصٌّ بالتصرفات المالية، أما ما عداها فيتحمل الإنسان تبعتها بمجرد أن يبلغ عاقلاً.

ويحتاج البلوغ في إثباته إلى علامات يستدل بها عليه حتى يكون وصفاً ظاهراً منضبطاً يصح تعليق إيجاب الأحكام الشرعية عليه وتحميله تبعات أقواله وأفعاله.

وقد نصَّ الفقهاء على جملة من هذه العلامات الطبيعية؛ منها: الاحتلام، والإنبات، والحيض، والحمل، والسن.

ولما كانت العلامات الأربعة الأولى مما يقع فيه الاضطراب والاختلاف؛ لاختلاف الإنبات في إثباته، فقد اتجهت القوانين إلى اعتماد السن كحد منضبط في تقدير سن الحدث، مما يوجب عدم تحميله المسؤولية الجنائية على أفعاله، وقدرت هذه السن بـ (١٨) سنة، دون التفات إلى البلوغ أو عدمه. ولكن يفهم من اختيار سن الثامنة عشرة أن القانون استأنس بما ذهب إليه المالكية وأبو حنيفة من تقدير الحد الأعلى للبلوغ بهذه السن، وقد خالفهم في هذا الشافعية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد فاعتبروا الحد الأعلى للبلوغ هو سن الخامس عشرة؛ مستدلين بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: «عُرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني ورآني بلغت» [أخرجه البخاري] (١).

وهذا ما اختارته هيئة الإفتاء بالوزارة تأييداً لما توجهت إليه مشاريع القوانين المعروضة عليها من خفض سن الحدث إلى سن الخامسة عشرة؛ لما دعت له


(١) رقم (٢٦٦٤) بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>