للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونفذها من غير تشكك في صلاحيتها للحياة، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥]، وما نص عليه الدستور من منع التعذيب المراد منه تعذيب الأبرياء بغير حق، وليس معاقبة الجناة والمخالفين للنظام، فقد نص القانون الجزائي على عقوبة هؤلاء، ثم إن الحدود والقصاص أحاطهما الشارع الإسلامي بمجموعة من الاحتياطات والضمانات التي تضمن عدم إنزالهما في بريء منهما، كاشتراط أربعة شهود عدول، أو الإقرار أربع مرات في أربعة مجالس طائعاً في إثبات حدّ الزنا، وكاشتراط الحِرْز والنِّصاب في حدّ السرقة، وانعدام الشبهة في الحدود كلها؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم» (١)؛ فإذا درئ الحدّ بالشبهة انتقلت العقوبة إلى التعزير.

وأخيراً لا تعارض مطلقاً بين إقامة الحدود والقصاص، وبين كرامة الإنسان التي أثبتها الله تعالى له في محكم تنزيله بقوله جلّ من قائل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}؛ لأن الحدود زواجر وروادع، وحماية لكرامة الأبرياء والشرفاء من الأمة، وحماية لنفوسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم، وحماية للجاني نفسه حتى لا يقترف الجناية، وهذه المعاني موجودة بالجملة في كل شرائع الأرض وأنظمة الأمم والدول المتحضرة، وهو ما جاء النص عليه في المذكرة التفسيرية للمادة (٣١) من الدستور الكويتي.

وليس السجن بأحفظ لكرامة الإنسان من الجلد، وغيره من العقوبات المقررة في الشريعة الإسلامية إذا نفذت بشروطها وضوابطها الشرعية.


(١) أخرجه بهذا اللفظ: أبو مسلم الكجِّي - كما في (البدر المنير) (٨/ ٦١١) - عن عمر بن عبد العزيز عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً، دون قوله: (ما استطعم)، وأخرجه الترمذي (رقم ١٤٢٤)، مَوْصُولاً بلفظ: «ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم».

<<  <  ج: ص:  >  >>