١٢ - زعم أن الفقهاء وضعوا قواعد للفقه، لا أصل لها من الكتاب والسنة، وهذا جهل فاضح بنصوص القرآن والسنة، ذلك أن جل القواعد الفقهية مأخوذ عن نصوص الكتاب والسنة ومعتمد عليها، مثل قاعدة:(الحرج مرفوع)؛ فهي مضمون قوله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] وقاعدة: (الضرر يزال) مأخوذة من الحديث الشريف: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وابن ماجه (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهكذا جميع القواعد الأخرى.
١٣ - زعم أن الفقهاء أضفوا على قواعد الفقه الشرعية والألوهية، وهذا باطل لم يفعله أحد، بل إن جلَّ القواعد الفقهية هي محلُّ اجتهاد واختلاف بين الفقهاء، وهي أغلبية لا قطعية، ولا يخلو واحدة منها من استثناء أو استثناءات.
١٤ - حمل حملة شعواء على قاعدة سد الذرائع، مع أن أصولها في الكتاب الكريم والسنة المطهرة؛ فقد نعى الله تعالى على اليهود عندما أمروا بالامتناع عن الصيد يوم السبت، فاتخذوا لذلك ذريعة وحيلة، فشنع الله عليهم بذلك فقال: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٦٣ - ١٦٤].
ثم إن الله تعالى أمر المؤمنين ذكوراً وإناثاً بغض البصر فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: ٣٠ - ٣١]، وما ذلك في الحقيقة إلا لأن النظر ذريعة إلى الفاحشة، ومثل ذلك كثير في النصوص والأحكام، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ