للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

احترم رأيها، وقبل مشورتها في أمور كثيرة، وأعطاها حقها في العبادة، حتى في الجهاد والاشتراك في الفتوحات الإسلامية، وقد اشتركت نساء كثيرات في الجهاد بدور طليعي، وسجَّل تاريخ الإسلام أسماء كثيرات منهنّ.

وإذا كان الإسلام قد منحها هذا الشرف فإنه لم يلزمها به إلزامه للرجال؛ تمشياً مع طبيعتها البدنية، وعملاً على قيامها بالمهمة التي هي أكبر من ذلك، وهي مهمة تربية أولادها، وحين تريد الخروج للجهاد فإنه يلزمها بما ألزم به الرجال من استئذان والديها؛ لأن العمل على إرضائهما لون من ألوان الطاعة الواجبة، وخدمتهما تعدل الجهاد، وقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يكتتب في الجهاد فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- «أحيٌّ والداك؟» قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد» رواه مسلم (١). وفي رواية أخرى «فهل لك من أم؟» قال: نعم. قال: «فالزمها فإن الجنة عند رجليها» رواه أحمد (٢).

ومما هو مقرَّر أن برَّ الوالدين من أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله وبعد الصلاة، فقد ورد في صحيح البخاري (٣) أن عبد الله بن مسعود قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: «أيُّ العمل أحبُّ إلى الله عز وجل؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: برُّ الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله»؛ فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن بر الوالدين أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي أعظم دعائم الإسلام ورتب ذلك (بِثُمّ) التي تعطي الترتيب والمهلة) (تفسير القرطبي مجلد / ١٠ ص ١٣٨).

ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة من السفر مسيرة يوم وليلة دون زوج أو محرم (متفق عليه)، وعلى ذلك فخروج المرأة للجهاد و (لو) مع نسوة أخريات دون علم أهلها أمر مرفوض شرعاً، وكذلك خروجها للجهاد مع غير محرم، أما خروجها


(١) رقم (٢٥٤٩).
(٢) رقم (١٥٥٣٨).
(٣) رقم (٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>