للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم إن المدين إذا تأخّر عن وفاء دينه، فإن كان ذلك لعذر مشروع كالإعسار فإن الواجب شرعاً إنظاره إلى ميسرة بدون زيادة في الدين، والأفضل إعفاؤه من الدين كليّاً أو جزئيّاً؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٨٠] وإن كان لغير عذر، كان على القاضي أخذ الدَّين من ماله جبراً عنه إذا طلب الدائن ذلك، كما يجوز للقاضي في هذه الحال تعزيره بعقوبة مناسبة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لَيُّ الواجد ظُلْمٌ يُحِلَّ عِرْضه وعقوبته» رواه النسائي وأبو داود (١).

وللتعزير في الشريعة الإسلامية طُرُقٌ متعدّدة مردّها إلى القاضي في الكيف والكم، منها السجن، ومنها الجلد، ومنها التشهير به، ومنها أخذ المال منه على سبيل العقوبة (غرامة)؛ وهذا النوع من التعزير اختلف الفقهاء فيه، والجمهور على عدم جوازه لئلّا يؤدّي إلى تسلّط القضاة والحكّام على أموال الناس، والذين أجازوه من الفقهاء قال بعضهم: للقاضي أن يحتجز بعض مال المدين الممتنع عن وفاء دينه لغير عذر مدّة من الزمن ثم يردُّه إليه بعد ذلك، وقال البعض بجواز التعزير بأخذ المال دون ردّه بعد ذلك إلى أصحابه، إلا أنه في هذه الحال تؤخذ إلى بيت المال (الخزانة العامة) ولا يجوز إعطاؤه لأحد من الدائنين؛ لأنه غرامة وعقوبة وليس تعويضاً وبدلاً ماليّاً عن الأجل.

لذلك كلِّه رأت اللجنة أن التعديل لهذه المادة ضروري، ولكن بالطريقة التي تقدّمت وليس بالطريقة التي جاءت في الاقتراح المرفق، والله أعلم.

[١٢/ ٤٧٦ / ٣٩٢٩]


(١) النسائي (رقم ٤٦٨٩)، أبو داود (رقم ٣٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>